قال أبو محمد : وهذا تجاهل ظاهر ، وراجع لنا عليهم سواء بسواء في خلق الله تعالى أفعال عباده ثم يعذبهم عليها ، ولا فرق. فكيف وهذا كله لا معنى له بل الآيات كلها حق على ظاهرها ، لا يحل صرفها عنه لأن الله تعالى قال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [سورة محمد : ٢٤].
وقال تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) [سورة يوسف : ٢].
وقال تعالى : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [سورة النحل : ٨٩] وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) [سورة العنكبوت : ٥١].
وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [سورة إبراهيم : ٤].
فأخبر تعالى أن القرآن تبيان لكل شيء.
فقالت المعتزلة : إنه لا يفهمه أحد وأنه ليس تبيانا نعوذ بالله من مخالفة الله عزوجل ومخالفة رسوله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد : ولا فرق بين ما تلونا من الآيات في أن الله تعالى شاء كون الكفر والضلال وبين قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ) [سورة آل عمران : ٢٦].
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) [سورة الحج : ١٨].
وقوله تعالى : (يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة آل عمران : ١٧٩].
وقوله : (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) [سورة البقرة : ٢١٢].
وقوله تعالى : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة البقرة : ١٠٥].
وقوله تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [سورة هود : ١٠٧ ، البروج : ١٦].
فهذا العموم جامع لمعاني هذه الآيات ونص القرآن وإجماع الأمة على أن الله عزوجل حكم بأن من حلف فقال : إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله على أي شيء حلف فإنه إن فعل ما حلف عليه لا يفعله فلا حنث عليه ولا كفارة تلزمه لأن الله تعالى لو شاء لأنفذه.
وقال عزوجل : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [سورة الكهف : ٢٣].