ومصائب وقبح وسخام وأقذار وأنتان ونجس وسخنة للعين وسواد للوجه؟ فإن قالوا لا. أكذبهم الله عزوجل بقوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) [سورة الحديد : ٢٢]. وموت الأنبياء وفرعون وإبليس وكل ذلك مخلوق.
وإن قالوا إن الله تعالى خالق كل ذلك ولكن لا يضاف شيء منه إلى الله عزوجل على الوجه المذموم ، لكن على الوجه المحمود. قلنا : هذا قولنا فيما سألتمونا عنه ولا فرق.
فإن قالوا : أترضون بأفعال الله عزوجل وقضائه؟ قلنا : نعم ، بمعنى أننا مسلمون لفعله وقضائه ، ومن الرضى بفعله وقضائه أن نكره ما كرّه إلينا ، قال تعالى : (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) [سورة الحجرات : ٧].
ثم نسألهم عن هذا بعينه فنقول لهم أترضون بفعل الله تعالى وقضائه؟ فإن قالوا نعم ، لزمهم الرضى بقتل من قتل من الأنبياء وبالخمور والأنصاب والأزلام وبإبليس ، ويلزمهم أن يرضى منهم بالخلود في النّار من خلّد فيها وفي هذا ما فيه ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وسأل بعض أصحابنا بعض المعتزلة فقال : إذا كان عندكم إنما خلق الله تعالى الكفار وهو يعلم أنهم لا يؤمنون وأنه سيعذبهم بين أطباق النيران أبدا ليعظ بهم الملائكة وحور العين فقد كان يكفي من ذلك خلق واحد منهم ، فقال له المعتزلي : إن المؤمنين الذين يدخلون الجنة والملائكة وحور العين وجميع من لا عذاب عليه من الأطفال أكثر من الكفار بكثير جدا.
قال أبو محمد : ولم يخرج بهذا الجواب مما ألزمه السائل ، لأن الموعظة كانت تتم بخلق واحد ، هذا لو كان لخلق من يعذب ليوعظ به آخر وجه في الحكمة بيننا ، وأيضا فلو لا ذكره الملائكة لكان كاذبا في ظنه أن عدد الداخلين في الجنة من الناس أكثر من الداخلين النار لأن الأمر خلاف ذلك ، لأن الله عزوجل يقول : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) [سورة الإسراء : ٨٩].
وقال تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [سورة يوسف : ١٠٣].
وقال تعالى : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [سورة الأنعام : ١٦٦].
وقال تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) [سورة ص : ٢٤].