جَمِيعاً) [سورة فاطر : ١٠] بموجب أنّ العزّة لم تزل ، لأنه تعالى قال : (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) [سورة الرعد : ٤٢].
وقال تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) [سورة الزمر : ٤٤].
وليس هذان النصّان بلا خلاف موجبين أنّ الشفاعة غير مخلوقة ، إلّا أن هاهنا عزّة ليس غير الله تعالى ، فهي غير مخلوقة ، وهي التي صحّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنّ جبريل عليهالسلام حلف بها فقال : «وعزتك» في حديث خلق الجنة والنّار. (١)
قال أبو محمد : ومن الباطل أن يحلف جبريل بغير الله عزوجل.
وأمّا الرحمة : فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله خلق مائة رحمة ، فقسم في عباده رحمة واحدة فبها يتراحمون ، ورفع التسع والتسعين ليوم القيامة يرحم بها عباده» (٢) أو كما قال عليهالسلام.
وهذا رفع للإشكال جملة في أنّ الرحمة مخلوقة ، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن إدخال الله تعالى الجنة من أدخله فيها برحمته ، وأن بعثه محمدا صلىاللهعليهوسلم رحمة لمن آمن به ، وكل ذلك مخلوق بلا شك.
وأما القدرة ، والقوة. فقد قال عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [سورة فصلت : ١٥].
وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني ، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا معن بن عيسى ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال : سمعت محمد بن المنكدر ، يحدث عبد الله بن الحسن ، قال : أخبرني جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلم أصحابه الاستخارة ، فذكر الحديث وفيه : «اللهم إنّي أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك» (٣).
__________________
(١) رواه من حديث أبي هريرة : أبو داود في السنّة باب ٢٢. والترمذي في صفة الجنة باب ٢١. والنسائي في الإيمان باب ٣. وأحمد في المسند (٢ / ٣٣٣ ، ٣٥٤ ، ٣٧٣).
(٢) روي عن عدة طرق. فرواه البخاري في الأدب باب ١٩. ومسلم في التوبة حديث ١٧ و ٢٠. والترمذي في الدعوات باب ٩٩. وابن ماجة في الزهد باب ٣٥. والدارمي في الرقاق باب ٦٩. وأحمد في المسند (٢ / ٣٣٤ ، ٤٣٤ ، ٤٨٤ ، ٥٣٦ ، ٣ / ٥٥ ، ٥٦ ، ٥ / ٤٣٩).
(٣) رواه البخاري في التهجد باب ٢٥ ، والدعوات باب ٤٩ ، والتوحيد باب ١٠. والترمذي في الوتر باب ١٨. وابن ماجة في الإقامة باب ١٨٨. وأحمد في المسند (٣ / ٣٤٤).