المذكور واستدار. كان باطنه مملوءا من الأجسام ، والحركة موجبة للسخونة ، والفلك لأجل حركته القوية يوجب غاية السخونة واللطافة ، فيما يلاصقه من الأجسام ، ويوجب غاية البرودة والكثافة في الأجسام التي تكون في غاية البعد منه ، وهي الأجسام الحاصلة عند القرب من المركز (١) فلهذا السبب صار الجسم العنصري المماس لجرم الفلك في غاية اللطافة والحرارة ، وهو النار ، وصار الجسم العنصري الذي (يكون) (٢) في غاية البعد من الفلك في غاية الكثافة والبرودة ، وهو الأرض ، والجسم المتصل بالنار ، وهو الهواء لكونه شبيها بالنار مع أنه أقل لطافة من النار ، والجسم المتصل بالأرض ، هو الماء لكونه شبيها بالأرض في الكثافة والبرودة ، مع أنه أقل كثافة وبردا من الأرض ، فهذا هو السبب في ترتيب هذه العناصر ، ثم لما استدارت الأفلاك بحركاتها المختلفة على هذه العناصر المختلفة ، اقتضت حركات الأفلاك تمزيج بعض (أجزاء) (٣) هذه العناصر ببعض ، فتولدت المواليد الثلاثة من المعادن والنباتات (٤) (والحيوان) (٥) فهذا تفصيل مذهب دميقراطيس في هذا الباب. قالوا : وما لم تبطلوا بالدليل فساد هذا الاحتمال لم يحصل مقصودكم البتة من الاستدلال بأحوال الأفلاك والعناصر ، على وجود الصانع (الحكيم) (٦).
والجواب : أن أرسطاطاليس قد أبطل هذا القول من وجوه (٧) : أحدها : إنه بين أنكون الجسم متحركا لذاته محال ، وقد سبقت هذه على سبيل الاستقصاء (في العلم الطبيعي) (٨) (وثانيها : إن هذا بناء على إثبات الخلاء خارج العالم وقد سبقت هذه أيضا على سبيل الاستقصاء ، ثالثها : إن هذا بناء على أن هذه الأجسام المحسوسة مركبة من أجزاء لا تتجزأ وقد سبقت هذه المسألة أيضا على سبيل الاستقصاء) (٩). ولما كانت هذه القواعد الثلاثة باطلة عند أرسطاطاليس ، لا جرم حكم بفساد هذا المذهب. ورابعها : إن
__________________
(١) الحركة (ز).
(٢) من (ز).
(٣) من (ز).
(٤) والنار (ز).
(٥) من (ز).
(٦) من (س).
(٧) الأول (س).
(٨) من (ز).
(٩) من (ز).