الفصل الثاني والعشرون
في
الاستدلال على وجود الإله الحكيم الرحيم
بكيفية تولد الانسان من النطفة
وتقرير هذا الدليل أن نقول : نرى أن بنية الأبدان مركبة من أعضاء مختلفة في المقدار والشكل ، والترتيب ، والصلابة ، والرخاوة. ثم إن هذه البنية مع اختلاف أجزاءها في الصفات والأحوال ، نراها متولدة من النطفة.
ثم نقول : هذه النطفة إما أن تكون جسما متشابه الأجزاء في نفس الأمر ، وإما [أن يقال] (١) إنه وإن كان متشابه الأجزاء بحسب الحس ، إلا أنه مختلف الأجزاء في الحقيقة وذلك لأن المني جسم ينفصل من ذوبان الأعضاء ، فينفصل من اللحم جزء [حصلت] (٢) فيه الطبيعة اللحمية (٣) ، ومن العظم جزء حصلت فيه الطبيعة العظيمة ، وكذا القول في جميع الأجزاء والأبعاض.
واعلم أن كثيرا من الطبيعيين ذهبوا إلى هذا القول ، واحتجوا على صحته بوجوه : ـ
الأول : عموم اللذة في جميع الأعضاء عند انفصال النطفة.
والثانية : مشاكلة أعضاء المولود لأعضاء الوالدين في النقصان والزيادة
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).
(٣) الجسمية (ز).