وجوبه ، فينطبق الكبرى على الصغرى ، ولذلك أطبق العلماء على وجوب الموافقة القطعية.
وأمّا الثاني : أي قطعي الانتفاء كما في المقام ، فانّ الضرر بمعنى العقاب قطعي الانتفاء بحكم العقل على قبح العقاب بلا بيان ، ومع العلم بعدمه لا يصحّ الاحتجاج بالكبرى المجردة عن الصغرى ، وبذلك يعلم أنّه لا تعارض بين الكبريين «قبح العقاب بلا بيان» و «وجوب دفع الضرر المحتمل» وانّ لكلّ موضعاً خاصاً ، فمورد الأُولى هو الشبهة البدوية ، كما أنّ موضع الثانية إنّما هو صورة العلم بالتكليف إجمالاً أو تفصيلاً.
هذا كلّه حول العقاب الأُخروي ، وأمّا الضرر الدنيوي الشخصي فالإجابة عنه واضحة ، لأنّ الأحكام الشرعية لا تدور مدار الضرر أو النفع الشخصيين حتى يكون احتمال الحرمة ملازماً لاحتمال الضرر الشخصي على الجسم والروح ، بل الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد نوعية ، وربما تكمن المصلحة النوعية في الضرر الشخصي كما في ترك الربا وترك الظلم على الناس.
نعم ربما يجتمع الضرر الشخصي مع المفسدة النوعية كشرب المسكر لكنّه ليس ضابطة كلية.
سلّمنا انّ في ارتكاب المشتبه احتمالَ ضرر دنيوي لكن إنّما يجب دفعه إذا لم يكن في تجويز الارتكاب مصلحة كما هو المقام ، لأنّ في الترخيص دفعَ عسر الاحتياط.
وأمّا الثالث : أي المصالح والمفاسد النوعية ، فحكم الشارع بالبراءة يكشف عن أحد الأمرين : إمّا عدم الأهمية ، وإمّا لوجود المصلحة الغالبة على المفسدة الحاصلة.