يجعلهما كصنوان على أساس واحد ، ولكن ما هو المسلك الكاشف عن توفّر العلّة ، فالآية ساكتة عنه ، فهل المسلك الكاشف هو :
١. تنصيص الشارع عليها في كلامه؟
٢. أو الإجماع على وحدة العلّة؟
٣. أو تنقيح المناط حسب فهم العرف من الكلام؟
٤. أو تخريج المناط بالسبر والتقسيم؟
وبما أنّ الآية ساكتة عن هذه الجهة فلا يصحّ الاستدلال بها على حجّية القياس على وجه الإطلاق.
الآية الثالثة : آية النشأة الأُولى
قال سبحانه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ). (١)
وجه الاستدلال : أنّ الآية الثانية جواب لما ورد في الآية الأُولى ، أعني : قوله : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فأُجيب بقياس إعادة المخلوقات بعد نشأتها ، على بدء خلقها وإنشائها أوّل مرة ليقنع الجاهلين بأنّ من يقدر على خلق الشيء ، وإنشائه أوّل مرّة ، قادر على أن يعيده مرة ثانية.
وهذا الاستدلال بالقياس ، إقرار بحجّيته وصحّة الاستدلال به. (٢)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الله سبحانه لم يدخل من باب القياس ، وهو أجلّ من أن يُقيس شيئاً على شيء ، وإنّما دخل من باب البرهان ، فأشار إلى سعة قدرته
__________________
(١) (يس : ٧٨ ٧٩.)
(٢) علم أُصول الفقه : ٦٢.