إلى التمسّك بالاستحسان المفسّر بالعرف.
نعم زعم المستدلّ أنّ النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) نهى عن بيع المعدوم ، وهو بظاهره يشمل السلم ، فجعل تجويز بيع السلم من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، ترخيصاً واستثناء مبنياً على الاستحسان.
ومن هذا القبيل ، بيع الاستصناع الرائج في عصر الصنعة ، حيث إنّ أصحاب الصنائع يعقدون اتّفاقية مع الشركات ، لصنع أشياء خاصّة ويسلّمون الثمن مقدّماً ويؤجّلون المثمن ، فزعم القائل أنّ هذا النوع من البيع داخل فيما نهى عنه النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، لكن يُرخَّص استحساناً.
لكن المبنى (نهيه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عن بيع المعدوم) باطل ، والبناء (إخراج المورد بالاستحسان) المبني عليه مثله إنّما الوارد قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لا تبع ما ليس عندك» (١) ، وهو ناظر إلى المبيع الشخصي الذي هو تحت يد الغير وملكه ، فليس للإنسان أن يبيع مال الغير ، الذي لا يملكه ، وأين هو من بيع السلم الذي هو بيع شيء في الذمّة؟! فلم يكن السلم والسلف ولا الاستصناع وما ضاهاه داخلاً في المنهي عنه حتى يحتاج إلى الاستثناء فإنّ السلم معاملة عقلائية رائجة في عامة القرون حيث إنّ أصحاب الذمم المعتبرة يتعهّدون بتسليم المبيع الكلّي في الذمّة للمشتري في أجل خاص. وسيوافيك الكلام فيه في آخر الفصل.
السابع : الاستحسان والمصلحة
وربّما يفسّر الاستحسان بإدراك العقل مصلحة توجب جعل حكم من الشارع له على وفقها ، وهذا يرجع إلى الاستصلاح والمصالح المرسلة الذي سيوافيك البحث فيه في الفصل التالي.
__________________
(١) بلوغ المرام ١٦٢ ، الحديث ٨٢.