ثُلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست محق الدين». (١)
والقياس في هذا الحديث هو بهذا المعنى ، أي التماس العلل ، ثمّ عرض النصوص على العلل المستنبطة والقضاء فيها بالقبول إن وافق ، والرد إن خالف. وهذا النوع من القياس محظور في الشريعة الإسلامية ، وأنّى للعقول هذه المنزلة.
وعلى هذا الأصل رفض الشيطان السجود لآدم قائلاً بأنّه أفضل منه ومخاطباً الله سبحانه وتعالى : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٢) ، ولو قيل : إنّ أوّل من قاس هو الشيطان ، فالمراد به ، هو القياس بهذا المعنى المهجور.
٤. إمكان التعبّد بالقياس
اختلفت كلمة الفقهاء بالعمل في القياس ، وأهمّ المذاهب في ذلك مذهبان :
الأوّل : القياس أصل من أُصول التشريع ومصدر لاستنباط الأحكام الشرعية يجوز التعبّد به عقلاً وشرعاً. وهو رأي جمهور أهل السنّة سلفاً وخلفاً.
الثاني : جواز التعبّد به عقلاً ، ولكنّه ممنوع في الشريعة. وهو مذهب الإمامية.
قال المرتضى : والّذي نذهب إليه أنّ القياس محظور في الشريعة استعماله ، لأنّ العبادة لم ترد به ، وإن كان العقل مجوّزاً ورود العبادة باستعماله. (٣)
__________________
(١) (الوسائل : ج ١٩ ، الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ١.)
(٢) (الأعراف : ١٢.)
(٣) الذريعة في أُصول الشريعة : ٦٧٥ / ٢.