لأغمد سيفاً سلّه الله عليهم» مع أنّ الغاية من سلّ السيف هي صيانة دماء المسلمين وأعراضهم ، لا سفك دمائهم واستباحة نواميسهم ، فما قيمة هذا السيف الّذي يُستعمل ضد الإسلام والمسلمين؟!
إلى هنا تمّ الوجه الأوّل ، وإليك سائر ما استدلّ به على حجّية الاستصلاح.
الدليل الثاني : وجوب العمل بالظن بالمصلحة
ثبت بالاستقراء أنّ أحكام الشرع روعي فيها الأخذ بمصالح الناس ، واعتبار جنس المصالح في جملة الأحكام يوجب ظن اعتبار هذه المصلحة في تعليل الأحكام ؛ لأنّ العمل بالظن واجب. والدليل على اعتبار المصالح قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١) ، ومقتضى الرحمة تحقيق مصالح الناس : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢) ، وقوله تعالى في إباحة لحم الميتة للمضطر : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٣) وقوله عزوجل : (أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٤). وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لا ضرر ولا ضرار». (٥)
أقول : ما ذكره الفقيه المعاصر ، صحيح إذا قطع الفقيه بالمصلحة خصوصاً إذا تشاور مع الخبراء في الموضوع ، وأصبح الموضوع ، عند العقلاء من الأُمور المبتلى
__________________
(١) (الأنبياء : ١٠٧.)
(٢) (البقرة : ١٨٥.)
(٣) (المائدة : ٣.)
(٤) (يونس : ٥٧.)
(٥) أُصول الفقه الإسلامي : ٧٦٢ / ٢ ٧٦٣.