الثامن : انّه تعالى حرم نكاح أكثر من أربع ، لأنّ ذلك ذريعة إلى الجور.
التاسع : انّ الله حرم خِطْبة المعتدة صريحاً ، لأنّ إباحة الخطبة قد تكون ذريعة إلى استعجال المرأة بالإجابة والكذب في انقضاء عدتها.
العاشر : انّ الله حرم عقد النكاح في حال العدة وفي الإحرام وإن تأخّر الوطء إلى وقت الحل لئلّا يتّخذ العقد ذريعة إلى الوطء. (١)
هذه نماذج ممّا استقرأه ابن قيم الجوزية من مواضع مختلفة ليُثبت أنّ الغالبية في الشيء وذريعته ، هو اتّحاد الحكم.
فلو قلنا بحجّية الاستقراء ، ففي مورد لم نجد دليلاً على حرمة الذريعة نحكم بحرمته إذا كانت الغاية محرمة. والاستقراء يكون رصيداً لقاعدة سدّ الذرائع.
يلاحظ عليه أوّلاً :
الظاهر أنّ القائلين بسدّ الذرائع هو أنّ الأمر المباح إذا وقع ذريعة لحرام يكون حراماً غيرياً (أي مقدّمياً) لا حراماً نفسياً ، وأغلب ما ذكره من الأمثلة فهو حرام نفسي ، وإن وقع ذريعة لحرام نفسيّ آخر ، فما جمعه واستقرأه من الأمثلة إنّما يكون شاهداً على القاعدة ، إذا كانت المقدّمة فيها محرمة بالحرمة الغيرية لا بالنفسية.
والفرق بين الحرمة الغيرية والنفسية واضحة ، فإنّ الحرام غيرياً لا يعاقب عليه بخلاف الحرام النفسي ، فالمشي إلى النميمة حرام غيري ، فلو مشى ونمّ فلا يعاقب عقابين : أحدهما للمشي والآخر للنميمية ، بل يعاقب عقاباً واحداً ، وهذا بخلاف الحرام النفسي ، فإنّه يعاقب عليه حتّى وإن وقع ذريعة لحرام آخر.
__________________
(١) إعلام الموقعين : ١٤٧ / ٣ ١٥٣.