المنصبان الأخيران
، فهو للإمام بعده أيضاً ، فهو بما أنّه خليفة النبي في منصب القضاء يفصل الخصومات
، وبما أنّه خليفته في القيادة الحكمية في أُمور الدين والدنيا يسعى في أن يوجّه
الأُمة الإسلامية إلى أرقى المستويات في عامّة الجهات ، ويجب على الأُمّة إطاعته
فيما يأمر وينهى.
يقول شيخ الأُمة
المحقّق النائيني في أثره الخالدة «تنبيه الأُمّة وتنزيه الملّة» : فوّض إلى
الحاكم الإسلامي وضع ما يراه لازماً من المقررات لمصلحة المجتمع وسدّ حاجاته في
إطار القوانين الإسلامية.
وعلى ضوء ما ذكرنا
يتّضح موقف الاستصلاح في مجال التشريع للحكم الحكومي ، فهو أساس لأحكام حكوميّة ، في
إدارة المجتمع ، وهو كلام صحيح ، قطع به الإمامية خصوصاً كلّ من يقول بولاية
الفقيه.
مثلاً إذا رأى
العالم أنّ المصلحة تقتضي فتح طريق ، أو شارع لصيانة نفوس المسلمين ، فقد فوّض
إليه ذلك أن ينفذ ذلك في ضوء العدل والإنصاف كما له أن يجبر أصحاب الأراضي التي
يمرّ بها الطريق ، على البيع ، بثمن رائج وبقيمة عادلة.
إذا اقتضت المصالح
العامة فرض ضريبة على صنف خاص من الشعب ، أو على نوع من الأمتعة الوطنية
والمستوردة من الخارج ، فله ذلك.
ووجه ذلك ، أنّ
طبيعة الحكومة لا تنفك عن الأمر والنهي ، وإلّا لفاتت المصالح الكبيرة ، ووقعت
الأُمة في أغوار المفاسد في مثل هذه الموارد ، فيكون الاستصلاح مبدأ للأمر والنهي
والإيجاب والتحريم يدور على ملاك المصالح والمفاسد ، إلى حد لو انتفى الملاك
لانتفى الحكم بانتفاء موضوعه.
__________________