ووجود الملازمة
بين القدرة على إنشاء العظام وإيجادها أوّل مرّة بلا سابق وجود ، وبين القدرة على
إحيائها من جديد ، بل القدرة على الثاني أولى ، فإذا ثبتت الملازمة بين القدرتين
والمفروض أنّ الملزوم وهي القدرة على إنشائها أوّل مرّة موجودة ، فلا بدّ أن يثبت
اللازم ، وهي القدرة على إحيائها وهي رميم ، فأين هو من القياس؟!
ولو صحّت تسمية
الاستدلال قياساً ، فهو من باب القياس الأولوي الذي فرغنا عن كونه خارجاً عن مورد
النزاع.
ويدلّ على ذلك
أنّه سبحانه لم يقتصر بهذا البرهان ، بل أشار إلى سعة قدرته ب آية أُخرى بعدها
وقال : (أَوَلَيْسَ الَّذِي
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى
وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
والآيات كسبيكة
واحدة ، والهدف من ورائها تنبيه المخاطب على أنّ استبعاد إحياء العظام الرميمة في
غير محلّه ، إذ لو كانت قدرته سبحانه محدودة لكان له وجه ، وأمّا إذا وسعت قدرته
كلّ شيء بشهادة أنّه خلق الإنسان ولم يكن شيئاً مذكوراً ، وخلق السماوات والأرض
وخلقها أعظم من الإنسان ، لكان أقدر على معاد الإنسان وإحياء عظامه الرميمة.
وليس كلّ استدلال
عقلي ، قياساً.
وثانياً : سلّمنا
دلالة الآية على حجّية القياس ، لكن مصبّها هو قياس الأُمور الكونيّة بعضها ببعض
فيما إذا كانت الجهة المشتركة بين المقيس والمقيس عليه أمراً واضحاً ، كالشمس في
رائعة النهار ، وأين هذا من القياس في الأُمور التشريعية الاعتبارية في الموارد
التي يصل المجتهد فيها إلى الجهة المشتركة بالسبر والتقسيم
__________________