النضير وغيرهم ، وأنّ إجلاء بني النضير من قلاعهم وتخريبهم بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين كان جزاء لأعمالهم الإجرامية ومن مصاديق تلك الضابطة الكلّية حيث إنّه سبحانه وتعالى يعذب الكافر والمنافق والظالم بألوان العذاب ولا يتركه ، فليس هناك أصل متيقّن ولا فرع مشكوك حتّى نستبين حكم الثاني من الأوّل بواسطة المشابهة ، بل كلّ ذلك فرض على مدلول الآية.
وكم لها من نظائر في القرآن الكريم ، قال سبحانه : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ* هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ). (١)
وقال سبحانه : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ). (٢)
وأدلّ دليل على أنّ الآية ليست بصدد بيان حجّية القياس ، هو أنّك لو وضعت كلمة أهل القياس مكان قوله : (أُولِي الْأَبْصارِ) فقلت : فاعتبروا يا أهل القياس ، لعاد الكلام هزلاً غير منسجم.
وثانياً : نفترض أنّ الآية بصدد بيان أنّ حكم النظير ، يستكشف من حكم النظير ، ولكن مصبّها هو الأُمور الكونيّة لا الأُمور التشريعية والأحكام الاعتبارية ، فتعميم مدلول الآية من الأُولى إلى الثانية يحتاج إلى الدليل ، وإثبات التعميم بالتمسّك بالقياس مستلزم للدور.
وثالثاً : نفترض أنّها بصدد إضفاء الحجّية على القياس في التشريع أيضاً ، وأنّ حكم الفرع يعلم من الحكم الأصل فيما إذا توفّرت علّة الحكم بينهما بحيث
__________________
(١) (آل عمران : ١٣٧ ١٣٨.)
(٢) هود : ٨٢ ٨٣.