فنفّذوا إليّ ، فقال لي ولده : لا بدّ أن تغسّله. فغسّلته ، ورفعت يده ليدخل الماء في مغابنه (١) ، فسقط الخاتم من يده حيث رأيت ذلك الخاتم. ورأيت آثارا بجسده ووجهه تدلّ على أنّه مسموم. وحملت جنازته إلى جامع القصر ، وخرج معه جمع لم نره لمخلوق قطّ ، وكثر البكاء عليه لما كان يفعله من البرّ والعدل ، ورثاه الشّعراء (٢).
قلت : وقد روى عن المقتفي تلك الأحاديث المقتفوية. سمعتها من الأبرقوهيّ (٣) ، عن ابن الجواليقيّ ، عنه.
وقد شرح صحيحي البخاريّ ومسلم في عدّة (٤) مجلّدات ، وسمّاه كتاب «الإفصاح عن معاني الصّحاح» (٥). وألّف كتاب «العبادات» (٦) في مذهب أحمد ، وأرجوزة في المقصور والممدود ، وأخرى في علم الخطّ ، واختصر «إصلاح المنطق» لابن السّكّيت (٧).
__________________
(١) المغابن : مطاوي البدن مثل الإبط وغيره. واحدها مغبن. بفتح الميم وكسر الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة.
(٢) ومنهم «النميري» كما في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٨٦ ، وقد تحرّف في المنتظم بطبعتيه إلى «البحتري» ، فقال في مطلع قصيدة :
ألمم على جدث حوى تاج الملوك وقل : سلام واعقر سويد الضمير ، فليس يقنعني السوام وقال بعضهم :
مات يحيى ولم نجد بعد يحيى |
|
ملكا ماجدا به يستعان |
وإذا مات من زمان كريم |
|
مثل يحيى بن يموت الزمان |
(٣) الأبرقوهي : بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها الهاء هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخا منها. (الأنساب ١ / ١١٥).
(٤) في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٣٠ : «في عشر مجلّدات».
(٥) قال العماد الكاتب إنه بذل على حفظه ونسخه أمواله حتى كان في زمانه لا يشتغل إلّا به. (الخريدة ٢ / ٩٨).
(٦) في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٥٢ «العبادات الخمس».
(٧) وقال ابن رجب : وقد صنّف ابن الجوزي كتاب «المقتبس من الفوائد العونية» وذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين ، وأشار فيه إلى مقاماته في العلوم. وانتقى من زبد كلامه في «الإفصاح» على الحديث كتابا سمّاه «محض المحض». (ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٥٣).