قال أبو الفرج بن الجوزيّ : حدّثني البراندسيّ (١) قال : جلست مع الزّبيديّ من بكرة إلى قريب الظّهر ، وهو يلوك شيئا في فيه ، فسألته ، فقال : لم يكن لي شيء ، فأخذت نواة أتعلّل بها.
قال ابن الجوزيّ (٢) : وكان يقول الحقّ وإن كان مرّا ، ولا تأخذه في الله لومة لائم. ولقد حكي أنّه دخل على الوزير الزّينبيّ وقد خلعت عليه خلع الوزارة ، والنّاس يهنّونه بالخلعة ، فقال هو : هذا يوم عزاء لا يوم هناء. فقيل له ، فقال : أهنّئ (٣) على لبس الحرير!؟
قال أبو الفرج (٤) : وحدّثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال : سمعت محمد بن يحيى الزّبيديّ قال : خرجت إلى المدينة على الوحدة ، فأواني اللّيل إلى جبل ، فصعدت وناديت : اللهمّ إنّي اللّيلة ضيفك. ثمّ نزلت فتواريت عند صخرة ، فسمعت مناديا ينادي : مرحبا يا ضيف الله. لك (٥) مع كلّ طلوع الشّمس تمرّ بقوم [على] (٦) بئر يأكلون خبزا وتمرا ، فإذا دعوك فأجب ، فهذه ضيافتك.
فلمّا كان من الغد سرت ، فلمّا طلعت الشّمس لاحت لي أهداف بئر ، فجئتها ، فوجدت عندها قوما يأكلون خبزا وتمرا ، ودعوني ، فأجبت.
قال ابن السّمعانيّ : كان يعرف النّحو معرفة حسنة ، ويعظ ، ويسمع معنا من غير قصد من القاضي أبي بكر الأنصاريّ ، وغيره. وكان فنّا عجيبا.
وكان في أيّام المسترشد يخضب بالحنّاء ، ويركب حمارا مخضوبا بالحنّاء ، وكان يجلس ويجتمع عليه العوامّ ، ثمّ فتر سوقه. ثمّ إنّ الوزير عون الدّين ابن هبيرة نفق عليه الزّبيديّ ورغب فيه.
__________________
(١) في الأصل : «حدّثني الوزير ابن هبيرة». والتحرير من (المنتظم).
(٢) في المنتظم ١٠ / ١٩٨ (١٨ / ١٤٥).
(٣) في المنتظم : «الهناء».
(٤) في المنتظم.
(٥) في المنتظم : «إنك».
(٦) إضافة من المنتظم.