قال : ودفنّاه بالشّونيزيّة. قال لي : تدفنّي تحت أقدام مشايخنا بالشّونيزيّة. ولمّا احتضر سندته إلى صدري ، وكان مشتهرا بالذّكر ، فدخل عليه محمد بن القاسم العوفيّ ، فأكبّ عليه وقال : يا سيّدي ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من كان آخر كلامه لا إله إلّا الله دخل الجنّة» (١). فرفع طرفه إليه ، وتلا هذه الآية : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٢) فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب ، ولم يزل يقرأ حتى ختم السّورة ، وقال : الله الله الله ، ثمّ توفي وهو جالس على السّجّادة (٣).
وقال ابن الجوزيّ (٤) : حدّثني محمد بن الحسين التكريتيّ الصّوفيّ قال : أسندته إليّ فمات وكان آخر كلمة قالها : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
قرأت بخطّ الحافظ يوسف بن أحمد : أنشدنا الزّينبيّ أبو الفضل محمد بن الفضل بن بركاهويه لنفسه وقد دخل على أبي الوقت في النّظاميّة بأصبهان ، وشاهد اجتماع العلماء والحفّاظ في مجلسه عند الإمام صدر الدّين محمد بن عبد اللّطيف الخجنديّ ، والحافظ أبو مسعود كوتاه يقرأ عليه الصّحيح :
أتاكم الشّيخ أبو الوقت |
|
بأحسن الأخبار عن ثبت |
طوى إليكم علمه ناشرا |
|
مراحل الأبرق والخبث |
ألحق بالأشياخ أطفالكم |
|
وقد رمى الحاسد بالكتب |
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الجنائز ، رقم ٣١١ باب في التلقين ، وأحمد في المسند ٥ / ٢٣٣ ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٥١ ، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
(٢) سورة يس ، الآيتان ٢٦ و ٢٧.
(٣) وقال ابن شافع في تاريخه : كان شيخا صالحا ، ألحق الصغار بالكبار ، ورأى في رئاسة التحديث ما لم ير أحد من أبناء جنسه.
وقال ابن نقطة : وكان حاضر الذهن ، مستقيم الرأي وسماعه بعد الستين وأربعمائة ، وصحب شيخ الإسلام ـ يعني أبا إسماعيل ـ نيفا وعشرين سنة. (التقييد).
(٤) في المنتظم ١٠ / ١٨٣.