فلما كان يوم سلخ صفر عبر في السّفن ألف فارس ، وصعدوا فدخلوا دار السّلطنة فنزل منكورس (١) الشّحنة ، وكان أحد الأبطال المذكورين ، فأحاط بهم وقتل منهم جماعة ، ورمى الباقون أنفسهم في الماء. واتّصل القتال ، وكان الخليفة يفرّق كلّ يوم نحوا من مائة كرّ (٢). وفي بعض الأيّام فرّق على الجند خمسة وعشرين ألف نشابة ، والكلّ من عنده ، لم يكلّف أحدا ولا استقرض.
وحكى الزّجاج الحلبي (٣) أنّه عمل في هذه النّوبة ثمانية عشر ألف قارورة للنّفط.
وفي خامس ربيع الأوّل خرج منكورس ، وقيماز السّلطانيّ ، والخيّالة ، والرّجّالة ، فحملوا اثنتي عشر حملة ، واقتتلوا.
وفي العشرين من ربيع الأوّل جاءوا بالسّلالم (٤) الّتي عملوها ، وكانت أربعمائة سلّم ، لينصبوها على السّور فلم يقدروا ، وأصبحوا يوم الجمعة ، فلم يجر يومئذ كبير قتال ، وهي الجمعة الثّالثة الّتي لم تصلّ بها الجمعة ببغداد في غير جامع القصر.
ثمّ قدمت بنت خوارزم شاه زوجة سليمان شاه ، وكانت قد أصلحت بين ملك شاه وبين الأمراء جميعهم في همذان ، وجاءت في زيّ الحجّاج الصّوفيّة إلى الموصل وعليها مرقّعة ، ومعها ركابيّ في زيّ شحّاذ. ثمّ جاءت حتّى صارت في عسكر محمد شاه ، وتوصّلت وعبرت إلى الخليفة ، فأكرمت وأفردت لها دار. وأخبرت بدخول ملك شاه همذان ، وبأنّه نهب دور المخالفين.
__________________
(١) في المنتظم : «منكوبرس».
(٢) في المنتظم : وخرج بعض الأيام إلى الأتراك من الخزانة خمسة وعشرون ألف نشّابة ومائتان ستون كرّا.
(٣) في المنتظم : «زجاج الخاص».
(٤) في المنتظم : «بالسلاليم».