الاستقلال بدليل أنه قال : كما أن الحار ضد للبارد ، وكذا الأحر للأبرد إذ لم تكن الإضافة تابعة لمعروضها في هذا الحكم لكانت مستقلة فيه لكن احتجاجه بأن تقابل التضاد غير تقابل التضايف ، فيجب أن يوجد في المتضادين شيء ليس بمتضايف ، لكن وصف التضاد متضايف فلم يبق إلا موضوع التضاد فلزم أن يكون غير متضايف يدل على أن المتضايفين لا يتضادان لا تبعا ولا استقلالا ، وحاصله أنه لا يصدق على مثل الأحر والأبرد حد الضدين، إذ لا يعقل كل منهما إلا بالقياس إلى الآخر ، لا يقال الشيء الذي لا تضايف فيه هو موضوع الأحر والأبرد أعني الجسمين لأنا نقول التضاد أو التضايف إنما تعتبر فيما يرد على الموضوع كالحرارة والبرودة والأحرية والأبردية ، فتكون هي موضوع وصف التضاد أو التضايف لا موضوعاتها من النار والماء وغير ذلك مما يمكن تعقل كل منهما بدون الآخر ، ولو في التضايف.
(قال : (وما تقرر (١))
من أن تنوع المعروضات لا يوجب تنوع الإضافات العارضة ، فمعناه أن موافقة الإنسانين في البياض مثلا ليس نوعا مخالفا لموافقة الفرسين فيه).
إشارة إلى وجه التوفيق بين قولهم إن الإضافات في نوعيتها تبع لمعروضاتها. وقولهم إن تنوع المعروضات لا يوجب تنوع العوارض ، لكن لا يخفي ما فيه من أخذ المعروض في موافقة الإنسانين (٢) في البياض ، تارة الإنسان وتارة البياض.
(قال : (ومنها المتى) وهو نسبة الشيء إما إلى الزمان لوقوعه على التدريج كالحركة وما يتبعها أو دفعة لكن على استمرار الآنات كالكون والتوسط وإما إلى الآن لعدم تحصله إلا في طرف من الزمان كالوصول إلى المنتصف أو المنتهى).
كما أن الأين هو النسبة إلى المكان نفسه كذلك المتى هو النسبة إلى الزمان إلا أنها قد تكون بوقوع الشيء فيه ، وقد تكون بوقوعه (٣) في طرفه الذي هو الآن ،
__________________
(١) في (أ) وما تقدر وهو تحريف.
(٢) سقط من (ب) لفظ (الإنسانيين).
(٣) في (ب) بوقوفه بدلا من (بوقوعه).