الاستقامة يمنة ويسرة ، فإن الاختلاف النوعي ، والاتفاق فيها مما ليس بظاهر ، وغاية ما يمكن في ذلك أن الحركة لما انطبقت على المسافة التي هي امتداد متصل ، وقد تقرر عندهم أن المستقيم والمنحني نوعان من الكم كالاستقامة والانحناء من الكيف جعلوا الحركة أيضا كذلك ، ولهذا توصف هي أيضا (١) بالاستقامة والاستدارة ، وهذا بخلاف الزمان المنطبق على الحركة لأنه واحد لا يعرض له التكثر والانقطاع بالفعل ، وأما في الصعود والهبوط فذكر الإمام أن الطرفين (٢) ، وإن لم يختلفا بالماهية لكنهما اختلفا بالمبدئية والمنتهية وهما متقابلان تقابل التضاد ، وهذا القدر كاف في وقوع الاختلاف بين الحركتين ، ويرد عليه أن هذا جاز في كل حركة من مبدأ إلى منتهى مع الرجوع عنه إلى ذلك المبدأ ، إلا أن يقال لما كان مبدأ الصعود والهبوط ، ومنتهاهما في جهتين حقيقيتين (٣) لا يتبدلان أصلا ، فلا يصير العلو سفلا أو بالعكس بخلاف سائر الجهات اعتبر ذلك ، ولهذا لا يمكن اعتبار الصاعدة هابطة أو بالعكس بخلاف الحركة يمنة ويسرة.
(قال : وإما أن وحدتها الجنسية :
بوحدة ما فيه حتى أن الواقع في كل مقولة جنس عال من الحركة ، ثم يتنازل عن ترتيب أجناسها فمبناه على أن مطلق الحركة ليس جنسا (٤) لما يقع في كل مقولة ، بل إنما يقال عليها بالتشكيك أو الاشتراك).
ذكروا أن الوحدة (٥) الجنسية للحركة إنما تكون بوحدة ما فيه جنسا أعني
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (أيضا).
(٢) في (ب) الطريقين بدلا من (الطرفين).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (حقيقتين).
(٤) في (ج) قسما بدلا من (جنسا).
(٥) الوحدة : هس المقدار المتناهي الذي يتخذ أساسا لقياس مقادير أخرى من نوعه ، والوحدة في فلسفة ابن سينا من لوازم الماهيات لا من مقوماتها قال : فقد بان بهذه الوجوه الثلاثة التي أحدها كون الوحدة غير ذاتية للجواهر ، بل لازمة لها ، والثاني كون الوحدة معاقبة للكثرة في المادة والثالث : كون الوحدة مقولة على الأعراض إن طبيعة الوحدة طبيعة عرضية وكذلك طبيعة العدد الذي يتبع الوحدة ، ويتركب منها (النجاة ص ٣٤).