الحصول في حيز واحد ، وكانت الحركة بالمعنى الأول سكونا ، وبالمعنى الثاني مجموع سكنات، وكان الحصول في أول زمان الحدوث سكونا ومنهم من اعتبر ذلك ، وفسر السكون (١) بالحصول في حيز بعد الحصول فيه ، فلم تكن الحركة ولا أجزاؤها ، ولا الحصول في آن الحدوث سكونا ، ثم ظاهر العبارة أن السكون هو الحصول الثاني من الحصولين في حيز واحد ، لكن الأقرب أن المراد أنه مجموع الحصولين كما قد يحمل قولهم الحركة حصول في الحيز بعد الحصول في حيز آخر على أنه مجموع الحصولين. قال ثم الحق يعني أن إطلاق الأنواع على الأكوان الأربعة مجاز لأن حقيقة الكون ، أعني الحصول في الحيز واحدة ، والأمور المميزة حيثيات وعوارض تختلف باختلاف الإضافات والاعتبارات لا فصول منوعة ، بل ربما لا يوجب تعدد الأشخاص ، فإن الكون المشخص (٢) قد يكون اجتماعا بالنسبة إلى جوهر ، وافتراقا بالنسبة إلى آخر ، وحركة أو سكونا من جهة كونه مسبوقا بحصول في حيز آخر أو في ذلك الحيز بل حركة وسكونا إذا لم يشترط في السكون اللبث.
فإن قيل : كيف يصح ذلك والمحققون من المتكلمين كالقاضي وأشياعه قد أطلقوا القول بتضاد الأكوان الأربعة.
قلنا : مرادهم الأكوان المتمايزة في الوجود ، ومعنى التضاد مجرد امتناع الاجتماع (٣) ولو من جهة التماثل لأنهم احتجوا على ذلك بأن الكونين إن أوجبا تخصيص الجوهر بحيز واحد فهما متماثلان ، فلا يجتمعان كالحصول الأول والثاني في حيز واحد لأن كلا منهما يسد مسد الآخر في تخصيص الجوهر بذلك الحيز ، وإن أوجب كل منهما تخصيصه بحيز آخر فمتضادان ضرورة امتناع اجتماع حصول (٤) الجوهرين في آن واحد في حيزين.
فإن قيل : أليس الجوهر الفرد المحفوف بستة جواهر على جهاته الست قد اجتمع فيه أكوان ستة هي مماساته لها ، فإن من منع ذلك ولم يجوز مماسة
__________________
(١) في (ب) الكون.
(٢) في (أ) بزيادة (المشخص).
(٣) سقط من (ب) لفظ (الاجتماع).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (حصول).