وأجيب بأنه مع ابتنائه على تقدير نفي (١) الفاعل المختار ، إنما ينفي كون (٢) ما بين الأرض والسماء خلاء صرفا ، ولا ينفي وجود خلاء خارج عما بينهما أو مختلط بالأجزاء الهوائية.
الوجه الرابع : أن لو وجد الخلاء لزم انتفاء أمور نشاهدها ، ونحكم بوجودها قطعا كارتفاع اللحم في المحجمة عند المص ، فإنه لما انجذب الهواء بالمص تبعه اللحم لئلا يلزم الخلاء ، وكارتفاع الماء في الأنبوبة ، إذا غمس أحد طرفيها في الماء ، ومص الطرف الآخر ، وكبقاء الماء في الكوز ، الذي في أسفله ثقبة ضيقة ، من غير أن ينزل من الثقبة عند سد رأس (٣) الكوز ، لئلا يبقى حيز الماء خاليا ، ونزوله على ما هو مقتضى طبعه عند فتح الرأس لدخول الهواء ، وكانكسار القارورة التي جعلت في رأسها خشبة ، وشدت بحيث لا يدخل فيها ولا يخرج عنها هواء ، ثم أخرجت الخشبة ، فإن القارورة تنكسر إلى الداخل لئلا يبقى حيز الخشبة خاليا ، وإذا دخلت (٤) تنكسر القارورة إلى الخارج ، لما أن فيها ملاء لا يجامع الخشبة ، وأجيب بأنه يجوز أن يكون ذلك لأسباب أخر ، فإن غاية هذه الأمور لزومها لانتفاء الخلاء ، واللازم قد يكون أعم فلا يصح الاستدلال بوجوده على وجود الملزوم.
نعم : ربما يفيد يقينا (٥) حدسيا للناظر لكن لا يقوم به حجة على المناظر.
__________________
(١) في (ب) تقدير بسقوط (نفي).
(٢) في (ب) يبقي بدلا من (ينفي).
(٣) في (ب) راتين وهو (تحريف).
(٤) في (أ) وإن بدلا من (إذا).
(٥) في (ب) تعينا بدلا من (يقينا).