المحسوسة ، وقد تكون عقلية ، بأن يكون ذلك بحكم العقل لكونه في الأمور المعقولة ، وكل منهما قد يكون بحسب الطبع ، وقد يكون بحسب الوضع ، وذلك كتقدم الرأس على الرقبة، وتقدم الإمام على المأموم ، وتقدم الجنس على النوع ، وتقدم بعض مسائل العدم على البعض ، ومعلوم أن تقدم عدم الحادث على وجوده ليس إلا بالزمان ، والمتكلمون منعوا الحصر ، وتمام الاستقرار. ونقضوه بتقدم بعض أجزاء الزمان على البعض ، كتقدم الأمس على اليوم ، فإنه كما ليس بالعلية والطبع والرتبة والشرف ليس بالزمان ، لأن كلا من الأمس واليوم زمان ، لا أمر يقع في الزمان ، وما يقال في بيان الحصر من أن المتقدم والمتأخر ، إن لم يجتمعا في الوجود فهو بالزمان ، وإن اجتمعا فإن كان بينهما ترتيب بحسب الاعتبار فهو بالرتبة ، وإلا فإن لم يحتج المتأخر إلى المتقدم فبالشرف ، وإن احتاج فإن كان المتقدم أثرا (١) في المتأخر فبالعلية ، وإلا فبالطبع. أو أن المتقدم إن توقف وجود المتأخر عليه ، فبالعلية أو بالطبع كما ذكرنا ، وإن لم يتوقف فالمتقدم إن كان بالنظر إلى كمال للمتقدم فبالشرف ، وإلا فإن كان بالنظر إلى مبدأ محدود فبالرتبة ، وإلا فبالزمان. أو أن التقدم إما حقيقي يكون بحسب الأمر نفسه ، فلا يتبدل باعتبار المعتبر ، وإما اعتباري يقابله ، والأول إن كان بالنظر إلى الذات فبالطبع ، وإن كان بالنظر إلى الوجود ، فإن كان وجود المتأخر مشروطا بانقضاء وجود المتقدم فبالزمان ، وإلا فبالعلية.
والثاني : يفتقر لا محالة إلى مبدأ به الاعتبار ، فإن كان كمالا في المتقدم فبالشرف ، وإلا فبالرتبة ، فلا خفاء في أنه ليس إلا وجه ضبط مع أن التقدم بالطبع قد يكون بالنظر إلى الوجود كما في الشرط ، وأن التقدم بالزمان قد يكون للعدم دون الوجود ، وبعد تمام الوجود ، فالزماني بالمعنى الذي ذكر فيها شامل للتقدم الذي (٢) بين أجزاء الزمان ، والذي بين الأب والابن بواسطة
__________________
(١) في (ب) مؤثرا بدلا من (أثرا).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (الذي).