والثاني : بكونها ذوات أوضاع وأجيب بأن المتبدل أوضاع الجواهر والمتوقف على الغير كونها على حالة مخصوصة والإشارة إليها أنفسها).
قال : وأنكر المتكلمون : قد اشتهر خلاف من المتكلمين في وجود الكميات على الإطلاق ، أما العدد فلما مر في باب الوحدة والكثرة ، وكأنه مبني على نفي الوجود الذهني ، وإلا فالفلاسفة لا يجعلونه من الموجودات العينية ، بل من الاعتبارات الذهنية (١) ، وأما الزمان فلما سيأتي ، وأما المقادير فبناء على أن الجسم متألف من أجزاء لا يتجزأ مجتمعه على وجه التماس دون الاتصال الرافع للمفاصل والمقاطع ، والمجتمع من ترتبها على سمت واحد هو الخط ، وباعتباره يتصف بالطول ، وعلى سمتين هو السطح ، وباعتباره يتصف بالعرض والتفاوت راجع إلى قلة الأجزاء ، أو كثرتها ، ولو سلم أن المقادير ليست جواهر فهي أمور عدمية إذ السطح نهاية وانقطاع الجسم والخط للسطح كالنقطة للخط ، ولا يثبت للجسم التعليمي ، ولو ثبت فالمتألف من العدمي عدمي ، واحتج الحكماء على كون المقادير أعراضا لا جواهر هي أجزاء الجسم ، إما إجمالا فبأنها تتبدل مع بقاء الجسم بعينه ، كالشمعة المعينة تجعل تارة مدورا له سطح واحد لا خط فيه ، وتارة مكعبا لها سطوح ، وفيها خطوط ، والمكعب يجعل تارة مستطيلا يزداد طوله وينقص عرضه ، وتارة بالعكس ، وإما تفصيلا فبأن ثبوت السطح للجسم يتوقف على تناهيه ضرورة أن غير المتناهي لا يحيط به سطح ، وثبوت التناهي يفتقر إلى برهان يدل عليه ، كما سيجيء في بيان تناهي الأبعاد.
فلو كان السطح من أجزاء الجسم لما كان كذلك وثبوت الكرة (٢) للخيط يتوقف على حركتها الوضعية المستديرة ، لتحدث نقطتان لا يتحركان هما قطباها ، وبينهما خط هو المحور على محيطهما منطقة هي أعظم الدوائر ،
__________________
(١) الذهنية عند المنطقيين : قضية يكون الحكم فيها على الأفراد الذهنية وهي مقابلة للقضايا الحقيقية التي يكون الحكم فيها على جميع أفراد الموضوع ، ذهنيا كان أو خارجيا أو للقضايا الخارجية التي يكون الحكم فيها مخصوصا بالأفراد الخارجية.
(٢) في (ب) ثبوت الكثرة للخط.