أجزاء كثيرة كان بين كل جزءين تأليف مغاير للتأليف القائم بجزءين آخرين ، أما الأول (١) فلأن عسر انفكاك أجزاء الجسم لا بد أن يكون لرابطة ، وليس إلا (٢) التأليف لأنه لم يحصل عند اجتماعها ، وصيرورتها جسما آخر غيره فلا يكون عدميا (٣) ، بل ثبوتيا قائما بشيئين ضرورة ، ورد بالمنع لجواز أن يكون بسبب آخر كإرادة الفاعل المختار ، وأما الثانى فلأنه لو قام بأكثر من جزءين كالثلاثة مثلا لانعدم بانعدام أحد الأجزاء ، ضرورة انعدام الحال بانعدام المحل ، الّذي هو جميع الأجزاء ، واللازم باطل ضرورة بقاء التأليف فيما بين الجزءين الباقيين ، ورد بأنا لا نسلم أن التأليف الباقي بين الجزءين هو بعينه التأليف القائم بالثلاثة ، لم لا يجوز أن ينعدم ذلك ، ويحدث هذا؟ فإن قيل قيام العرض الواحد بالكثير مما قال به الفلاسفة كالوحدة بالعشرة الواحدة ، والتثليث لمجموع الأضلاع الثلاثة المحيطة بسطح ، والحياة ببنية متجزئة إلى أعضاء ، والقيام بمجموع أجزاء زيد.
قلنا : المتنازع فيه (٤) هو أن يكون العرض القائم بمحل (٥) هو بعينه القائم بالمحل الآخر إلا أن يكون العرض الواحد قائما بمجموع شيئين صارا بالاجتماع محلا واحدا له ، كما فى هذه الصورة ، والظاهر أن مراد أبي هاشم أيضا هذا المعنى ، إلا أنه لم يجوز القيام بما فوق الاثنين لما ذكر من لزوم انعدام التأليف عند إزالة أحد الأجزاء من الاجتماع ، وكأنه يدعى القطع ببقاء التأليف دون زوال تأليف ، وزوال (٦) حدوث آخر.
__________________
(١) في (ب) أو بدلا من (أما).
(٢) سقط من (ب) لفظ (إلا).
(٣) العدم ضد الوجود ، وهو مطلق ، أو إضافي ، فالعدم المطلق هو الذي لا يضاف إلى شيء والعدم الإضافي ، أو المقيد هو المضاف إلى شيء ، كقولنا عدم الأمن وعدم الاستقرار وعدم التأثير.
قال ابن سينا : البالغ في النقض غايته فهو المنتهي إلى مطلق العدم ، فبالحري أن يطلق عليه معنى العدم المطلق (الإشارات ٦٩ ـ ٧٠).
(٤) في (ب) بزيادة لفظ (فيه).
(٥) سقط من (ب) لفظ (بمحل).
(٦) في (ب) بزيادة لفظ (زوال).