وجاء في سورة النصر في الآية الثالثة قوله سبحانه : (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
وحينئذٍ يطرح السؤال التالي نفسه ، كيف يا ترى ينسجم طلب المغفرة مع القول بعصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
وجواب عن ذلك يتّضح من خلال التعرّف على المسئوليات والمهام الخطيرة للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن الواضح والمسلّم به بين العقلاء أنّ عظمة الشخصية وخطر المسئولية يقتضيان أن تكون النظرة إلى تلك الشخصية تختلف اختلافاً جوهرياً عن غيرها ، فربّ عمل يُعدّ صدوره من شخص جرماً ومخالفة ولكنّه لا يُعدّ كذلك إذا صدر من إنسان آخر أقلّ شأناً من سابقه ، بل قد يكون عمل ما بحكم العقل جرماً وذنباً إذا وقع في محيط معين ولا يُعدّ ذلك العمل نفسه جرماً إذا وقع في مكان آخر مغاير لذلك المكان السابق.
ولتوضيح الأمر جليّاً نقول : إنّ الأحكام الإلهية لا تنحصر في الواجبات والمحرمات فقط ، بل هناك إلى جنب الواجب يوجد المستحب وإلى جنب المحرم يوجد المكروه ولا محيص عن الإتيان بالواجب وترك الحرام ، وإنّ ترك الواجب يؤدي إلى المؤاخذة والعقاب وكذلك فعل المحرم.
وأمّا المستحبات والمكروهات ففي الوقت الذي لا يكون لتركها أو ارتكابها أي مؤاخذة قانونية ولكن قد تتوفر بعض الشروط بنحو يحكم العقل فيها بوجوب المستحب وحرمة المكروه. وبالطبع انّ هذا لا يعني أنّ المستحب قد تحول إلى واجب شرعي وانّ المكروه قد تحول إلى حرام شرعي ، وذلك لأنّ الحدود والأحكام الإلهية لا تتغير أبداً ، بل المراد من ذلك أنّ العقل وبالالتفات