إلى تلك الشرائط يحكم بوجوب القيام بالمندوب ووجوب ترك المكروه ويرى ذلك أمراً ضرورياً ، ويعدُّ ذلك نوعاً من الواجب في إطار العقل بحيث إذا لم يصغ الإنسان ـ وفي تلك الشروط ـ إلى نداء العقل يُعدّ عمله ذلك «تركاً للأولى» حسب الاصطلاح الشرعي ويعتبر ذنباً وجرماً حسب حكم العقل ، إذ من الصحيح انّ عمل المستحبات وترك المكروهات سبب للجمال وتزيين الأفعال والأعمال ، وانّ مخالفتها لا تستدعي أي أثر ، ولكن قد يحكم العقل وبسبب وجود سلسلة من الشرائط كالعلم والمعرفة العالية بمقام الأمر والنهي الإلهي ، وعظم المسئولية ، التي يتحلّى بها النبي وخطورتها بوجوب المستحب وحرمة المكروه.
ويحكم على النبي في حال المخالفة بوجوب إظهار الاعتذار وطلب المغفرة.
ولكي يتّضح الأمر جلياً نشير إلى مثالين في المقام هما :
١. إذا لاحظنا حياة الإنسان البدوي قياساً إلى حال الإنسان المتحضّر نجد أنّ الإنسان البدوي يتحلّى بنوع من الآداب والرسوم البسيطة ، وذلك لبعده عن الحياة المدنية المتحضّرة ، ولذلك لا يرتقب منه أن يتحلّى بآداب ورسوم الإنسان المدني والمتحضّر ، وهذا بخلاف الإنسان المتحضّر فالمرجو منه القيام بالآداب والرسوم الرائجة في الحضارات الإنسانية ، فإذا لم يراع ذلك الإنسان المتحضّر آداب ورسوم المدنية فانّه يقع مورداً للذم والتوبيخ والعتاب.
كذلك الأمر بين سكان المدن أنفسهم ، فإنّ المترقّب والمتوقّع من الإنسان المتعلّم غير المترقّب من الإنسان الجاهل وإن كان الجميع يقطنون في مدينة واحدة ، كذلك لا يكون المرجو من سكان مراكز المحافظات وعواصم