البرهان الثاني : المسيح والآثار البشرية
يؤكّد القرآن الكريم أنّ المسيح عليهالسلام وأُمّه شأنهم شأن بقية الأنبياء يأكلون الطعام لتلبية حاجاتهم ورفع النقص قال تعالى :
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ ...). (١)
وهذا يعني أنّه ليس بين المسيح وأُمّه وبين غيره من الأنبياء والرسل أيُّ فرق وتفاوت ، فهم يأكلون عند ما يجوعون ويتناولون الطعام كلّما أحسّوا بالحاجة إليه ، ومن المعلوم أنّ الاحتياج دليل الإمكان ، والإله منزّه عن الحاجة والإمكان.
فالمسيح عليهالسلام إنسان ممكن ولد من إنسان ممكن آخر وهي السيدة مريم عليهاالسلام ، وكلاهما يطيعان الله سبحانه ويعبدانه ويتوسّلان لسدِّ جوعهم بتناول الطعام ، ومع هذه الصفات كيف يمكن لإنسان عاقل أن يعتقد بألوهيتهما؟!
إنّ هذه الآية لا تبطل ألوهية المسيح فحسب ، بل تبطل ألوهية أُمّه أيضاً ، إذ يستفاد من بعض الآيات إنّ مريم عليهاالسلام كانت معرضاً لهذه التصوّرات الباطلة أيضاً حيث يقول سبحانه :
(... أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ...). (٢)
نظرية بنوّة السيد المسيح
تعتبر مسألة بنوّة المسيح عليهالسلام لله سبحانه إحدى مظاهر الشرك في «الذات»
__________________
(١). المائدة : ٧٥.
(٢). المائدة : ١١٦.