العادية أي في غير مرحلة التبليغ وتبيين الشريعة ولذلك اقتضى الأمر أن نعود مرة أُخرى للبحث في المسألتين :
الأُولى : خصوص عصمة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والثانية : عصمة مطلق الأنبياء عن الخطأ والزلل.
وبما أنّنا قد تعرّضنا سابقاً لبيان الدليل العقلي (وبصورة مفصّلة) على عصمة الأنبياء من الذنب ، ولذلك سنقتصر في المرحلة الأُولى على ذكر الأدلّة النقلية فقط الدالّة على عصمة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا في المرحلة الثانية ـ العصمة عن الخطأ سهواً ـ فانّنا سنتطرق إلى بيان الأدلّة العقلية مقرونة بذكر الأدلّة النقلية من آيات الذكر الحكيم.
العصمة من الذنب
بالإضافة إلى الآيات الكثيرة السابقة التي تدلّ على عصمة الأنبياء من العصيان والخلاف هناك آية أُخرى تدلّ على عصمة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث جاء في سورة الإسراء قوله تعالى :
(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً). (١)
ومن الواضح أنّ الآية المباركة تشير إلى حركة حثيثة وجهود كبيرة قام بها المشركون لمحاولة فتنة الرسول الأكرم وإخراجه عن الطريق القويم من خلال الافتراء على الله سبحانه ، وفي هذه الأجواء العصيبة والمحاولات الخطرة والدسائس الخبيثة تمتدُّ يد اللطف الإلهي إلى النبيّ الأكرم لمساعدته والأخذ بيده لتجاوز هذا
__________________
(١). الإسراء : ٧٣.