لمريم عليهاالسلام ، ولذلك يقولون المسيح ابن مريم.
فإذا كان عيسى عليهالسلام ابناً لمريم ، فلا بدّ إنّه بشر كسائر البشر ، وآدمي كبقية الآدميّين ، محياه ومماته بيد الله وتحت قدرته ، فإن شاء سبحانه منح الجميع الحياة وإن شاء سلبها عنهم ، وإذا كان المسيح من زمرة البشر ـ وهو كذلك ـ فكيف تعتبره النصارى إلهاً وهو لا يملك لنفسه حياة ولا موتاً؟!
ومن الجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم قد ركّز في هذه الآية وبصورة كاملة وجلية على بشرية المسيح ، ولذلك وصفه بكونه (ابن مريم) ويتحدّث عن «أُمّه» وعن جميع من في الأرض بقوله : (وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) مشيراً بذلك إلى بشريته ، بل وليثبت أنّ المسيح عليهالسلام لا يخرج عن كونه بشراً وفرداً من أفراد النوع الإنساني يشترك مع بني نوعه في كلّ الأحكام على السواء.
وبعبارة أُخرى أوضح : إنّ هناك قاعدة في الفلسفة الإسلامية يطلق عليها «حكم الأمثال» ومؤدّاها «حكم الأمثال في ما يجوز وفي ما لا يجوز واحد». فإذا كان هلاك أفراد الإنسان ـ ما عدا المسيح ـ ممكناً كان هلاك المسيح أيضاً ممكناً كذلك لكونه منهم ، وفي هذه الصورة كيف تعتبره النصارى إلهاً والإله لا يجوز عليه الموت؟!
ولتتميم هذا المطلب يختم القرآن الكريم الآية بجملة (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما).
وفي الحقيقة أنّ هذه الجملة تكون علّة للحكم السابق ، فمعناه أنّ الله يملك إهلاك عيسى وأُمّه وكلّ أفراد البشر ، لأنّهم جميعاً ملكه وفي قبضته وتحت قدرته.