أُسيد وعامر بن ليلىٰ بن ضمْرة قالا :
لمّا صدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حجّة الوداع ـ ولم يحجّ غيرها ـ أقبل حتىٰ إذا كان بالجُحْفة نهىٰ عن سَمُراتٍ متغاديات (١) بالبطحاء أن لا ينزل تحتهنّ أحد ، حتىٰ إذا أخذ القوم منازلهم أرسل فقُمّ ما تحتهن ، حتىٰ إذا نودي بالصلاة ـ صلاة الظهر ـ عَمَد إليهنّ فصلّىٰ بالناس تحتهنّ ، وذلك يوم غدير خُمّ ، وبعد فراغه من الصلاة قال : « أيّها الناس إنَّه قد نبّأني اللطيف الخبير : أنّه لم يُعمَّر نبيّ إلّا نصف عمر النبيّ الذي كان قبله ! وإنّي لَأظنّ بأنّي أُدعىٰ وأُجيب ، وإنّي مسؤولٌ ، وأنتم مسؤولون : هل بلّغتُ ؟ فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نقول : قد بلّغت ، وجهدتَ ، ونصَحتَ ، وجزاكَ الله خيراً. قال : ألستُم تشهدون أن لا إلٰه إلّا الله ، وأنَّ محمداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنَّ ناره حقّ ، والبعث بعد الموت حقّ ؟ قالوا : أللّهمّ بلىٰ. قال : أللّهمّ اشهد. ثمّ قال : أيّها الناس ألا تسمعون ، ألا فإنَّ الله مولا ، وأنا أولىٰ بكم من أنفسكم ، ألا ومن كنت مولاه فعليٌّ مولاه.
وأخذ بيد عليّ فرفعها ، حتىٰ نظره القوم. ثمّ قال : أللّهمّ والِ من والاه ، وعاد من عاداه ».
ونقله عن كتاب الموجز للحافظ أبي الفتوح ـ أيضاً ـ صاحب ( مناقب الثلاثة ) المطبوع بمصر ( ص ١٩ ) ، ورواه ابن عساكر في تاريخه (٢) عن أبي الطفيل عنه ، وابن كثير في البداية والنهاية (٣) ( ٥ / ٢٠٩ و ٧ / ٣٤٨ ) ، قال : وقد رواه معروف بن خربُوذ ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أُسيد ، قال :
لمّا قَفَل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حجّة الوداع نهىٰ أصحابه عن شَجَرات بالبطحاء
___________________________________
(١) كذا في النسخ ، والصحيح : متقاربات ، كما في سائر المصادر. ( المؤلف )
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ٢٢٦ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الطبعة المحقّقة : رقم ٥٣٥ و ٥٤٧.
(٣) البداية والنهاية : ٥ / ٢٣١ حوادث سنة ١٠ هـ ، ٧ / ٣٨٥ حوادث سنة ٤٠ هـ.