إكمال الدين بالولاية
ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليهالسلام قوله تعالىٰ :
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (١)
أصفقت الإماميّة عن بَكْرَةِ أبيهم علىٰ نزول هذه الآية الكريمة حول نصّ الغدير بعد إصحار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بولاية مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بألفاظ دُرِّيّة صريحة ، تتضمّن نصّاً جليّاً عرفته الصحابة وفهمته العرب ، فاحتجَّ به من بلغه الخبر ، وصافق الإماميّة علىٰ ذلك كثيرون من علماء التفسير وأئمّة الحديث وحفظة الآثار من أهل السنّة ، وهو الذي يساعده الاعتبار ويؤكِّده النقل الثابت في تفسير الرازي (٢) ( ٣ / ٥٢٩ ) عن أصحاب الآثار :
أنَّه لَمّا نزلت هذه الآية على النبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يُعمَّر بعد نزولها إلّا أحداً وثمانين يوماً ، أو اثنين وثمانين. وعيّنه أبو السعود في تفسيره (٣) بهامش تفسير الرازي ( ٣ / ٥٢٣ ).
وذكر المؤرِّخون منهم (٤) : أنَّ وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم في الثاني عشر من ربيع الأوّل ، وكأنّ فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين وثمانين يوماً بعد إخراج يومي الغدير والوفاة ، وعلىٰ أيٍّ فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة ، كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم (٥) وغيرهما لزيادة الأيّام حينئذٍ ، علىٰ أنَّ ذلك معتضدٌ
___________________________________
(١) المائدة : ٣ .
(٢) التفسير الكبير : ١١ / ١٣٩.
(٣) إرشاد العقل السليم إلىٰ مزايا القرآن الكريم : ٣ / ٧.
(٤) راجع تاريخ الكامل : ٢ / ١٣٤ [ ٢ / ٩ حوادث سنة ١١ هـ ] ، وإمتاع المقريزي : ص ٥٤٨ ، وتاريخ ابن كثير : ٦ / ٣٣٢ [ البداية والنهاية : ٦ / ٣٦٥ حوادث سنة ١١ هـ ] وعدّه مشهوراً ، والسيرة الحلبيّة : ٣ / ٣٨٢ [ ٣ / ٣٥٣ ]. ( المؤلف )
(٥) صحيح البخاري : ٤ / ١٦٠٠ ح ٤١٤٥ ، صحيح مسلم : ٥ / ٥١٧ ح ٣ كتاب التفسير.