العناية بحديث الغدير
كان للمولىٰ سبحانه مزيد عناية بإشهار هذا الحديث ؛ لتتداوله الألسن وتلوكه أشداق الرواة ؛ حتىٰ يكون حجّة قائمة لحامية دينه الإمام المقتدىٰ ـ صلوات الله عليه ـ ولذلك أنجز الأمر بالتبليغ في حين مزدَحم الجماهير عند مُنصَرف نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الحجّ الأكبر ، فنهض بالدعوة ، وكراديس الناس وزُرافاتهم من مختلف الديار محتفّةٌ به ، فردّ المتقدِّم ، وجعجع بالمتأخِّر ، وأسمع الجميع (١) ، وأمر بتبليغ الشاهد الغائب ؛ ليكونوا كلّهم رواة هذا الحديث ، وهم يرْبونَ علىٰ مائة ألفٍ ، ولم يكتفِ ـ سبحانه ـ بذلك كلّه حتىٰ أنزل في أمره الآيات الكريمة تُتلىٰ مع مرِّ الجديدين بُكرةً وعَشيّاً ؛ ليكون المسلمون علىٰ ذُكْرٍ من هذه القضيّة في كلّ حين ، وليعرفوا رُشدهم ، والمرجع الذي يجب عليهم أن يأخذوا عنه معالم دينهم.
___________________________________
(١) روى النسائي في إحدىٰ طرق حديث الغدير عن زيد بن أرقم في الخصائص : ص ٢١ [ ص ٩٦ ح ٧٩ والسنن الكبرىٰ : ٥ / ١٣٠ ح ٨٤٦٤ ] ، وفيه : قال أبو الطفيل : سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ فقال : [ نعم ] وإنَّه ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينيه ، وسمعه بأُذُنيه.
وصحّحه الذهبي كما في تاريخ ابن كثير الشامي : ٥ / ٢٠٨ [ ٥ / ٢٢٨ حوادث سنة ١٠ هـ ].
وفي مناقب الخوارزمي في أحد أحاديث الغدير ص ٩٤ : ينادي رسول الله بأعلىٰ صوته.
وقال ابن الجوزي في المناقب : كان معه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصحابة ومن الأعراب وممّن يسكن حول مكّة والمدينة مائة وعشرون ألفاً ، وهم الذين شهدوا معه حجّة الوداع ، وسمِعوا منه هذه المقالة.
( المؤلف )