كلمات حول سند الحديث للحفّاظ الأثبات والأعلام الفطاحل
لم نندفع إلىٰ عقد هذا البحث بدافع الحاجة إلىٰ إثبات صحّة الحديث ، ولا دعانا إليه الإعواز إلىٰ إثبات تواتره ؛ فإنّ ذات الحديث وجوهريّتها القائمة بنفسها في غنىً عن أي تحوير في ذلك ، ومن ذا الذي يسعه إنكار صحّته ، ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين ، وأيّ معاند يمكنه ردُّ تواتره اللفظي في الجملة والمعنويِّ في تفاصيله والإجماليّ في جملة من شؤونه ، وقد شهد به القريب والبعيد ، ورواه القاصي والداني ، وأثبته أكثر المؤلِّفين في الحديث والتاريخ والتفسير والكلام ، وأفرده بالتأليف آخرون ، فلن تجد له إلّا رنّةً تصكُّ المسامع منذ هتف به داعي الرشاد حتىٰ عصرنا الحاضر ، وسيبقىٰ ذكره مخلَّداً ما تعاقب المَلَوان ، فليس من يجابهه بالإنكار إلّا كمن يتعامىٰ عن الشمس الضاحية ، وإنَّما راقنا البحث عمّا قيل في ذلك إصحاراً بحقيقةٍ راهنةٍ ، ألا وهي إصفاق علماء الفريقين علىٰ صحّة الحديث وتواتره ؛ ليعلم القارئ أنَّ من يحيد عن تلكم الخطّة شاذٌّ عن الطريقة المثلىٰ ، خارج تجاه ما اجتمعت عليه الأمّة ، وهو يقول : إنّ الأمّة لا تجتمع علىٰ خطأ. فمنهم :
١ ـ الحافظ أبو عيسى الترمذيّ : المتوفّىٰ ( ٢٧٩ ).
قال في صحيحه (١) ( ٢ / ٢٩٨ ) بعد ذكر الحديث : هذا حديث حسن صحيح.
___________________________________
(١) سنن الترمذي : ٥ / ٥٩١ ح ٣٧١٣.