الرجل وبشّره بأنّ الله غفر له بشفاعتي ، فاستيقظت ، فخرجت أطلبه فلم أجده.
قلت : بل قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان في كتابه «مصباح الظلام» : إنّ الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال : قدم علينا أعرابي بعد ما دفنّا رسول الله صلىاللهعليهوآله بثلاثة أيام ، فرمى بنفسه على قبر النبي صلىاللهعليهوآله ، وحثا من ترابه على رأسه ، وقال : يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله سبحانه وما وعينا عنك ، وكان فيما أُنزل عليك : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ ...) وقد ظلمت ، وجئتك تستغفر لي ، فنودي من القبر: انّه قد غفر لك ، انتهى.
وروى ذلك أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبد الله الكرخي عن علي بن محمد ابن علي ، قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل ، عن ابن صادق ، عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، فذكره ، ولا منافاة بين النقلين ؛ لإمكان التعدّد ، وعلى فرض الوحدة فأحد الناقلين اقتصر ؛ والآخر أسهب في النقل ، فنقل جميع القصة. وقد أدرك ذلك الأعرابي بسلامة فطرته أنّ الآية الكريمة التي تدعو المسلمين إلى المجيء إلى النبي حتى يطلبوا منه أن يستغفر لهم ، ليست خاصة بحياة النبي الدنيوية ، بل تعم الحياة الأُخروية ، فلأجل ذلك قام يطلب من النبي أن يستغفر له.
وقال عياض في الشفاء بسند جيد عن ابن حميد ـ أحد الرواة ـ عن مالك فيما يظهر ، قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال له مالك : «يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فانّ الله تعالى أدّب قوماً فقال : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) الآية ، ومدح قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) الآية ، وذمّ قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) الآية ، وإنّ حرمته ميتاً كحرمته حيّاً ، فاستكان لها