ما تترك الا كونها آلة يستعان بها على حصول السعادة ، فيصير كلّ عمل صادر منك خالصاً لوجه الله تعالى وفرداً من أفراد العبادة.
ثمّ إنّ حبّ المال إن كان لغاية أعني اقتناء ما يتوقّف عليه من المشتهيات مع طول الأمل بحياته واقتنائه منها أو بحيياة أولاده ومنت ينتسب إليه حيث إنه لحبه لهم يقدّر بقاءهم فيجمعها لأجلهم ، كان علاجه بضدّ تلك الغاية ، أعني الصبر على تركها والقناعة وكثرة ذكر الموت الماحي لطول الأزمل ، والتأمّل في مفاسد شهوة البطن والفرج والأموال وغوائلها المشار إليها ، وفي حال أقرانه الذين سبقوه في الجمع والحرص والادّخار وانقطاعهم عنها بالموت وتلفها بتمتع الظلمة والحكام بعده منها أو أزواج البنات أو الزوجات ، وغير ذلك من الحاثات ، وصيرورة أولادهم بعدهم بيسير من الأوقات في أقصى الفقر والفاقة ومن جملة ذوي الحاجات.
وإن كان لذاته حيث إن له تعشّقاً به من حيث هو مال كما نرى كثيراً من المعمّرين أنّ لهم من المال ما يكفيهم لغاية ما يحتمل بقاؤهم إليها من المدّة ، بل يزيد عليه ، وليس لهم من الأولاد وغيرهم من يحتاطون لأجله ، ومع ذلك لايسمحون بالواجبات فضلاً عن المستحبّات والمرؤات ، فليس ذلك الا لكون الدرهم والدينار معشوقاً لهم يلتذّون برؤيتها ووجودها في أيديهم ، كان من الأمراض الصعبة سيّما للمعمّرين ، حيث صار بطول المدّة مزمناً وضعفت الطبيعة عن مقاومته ، فسلمت الأمر إليه وحاله حال من يعشق أولّاً بأحد ثم يحبّ رسوله ويعشقه فينسى معشوقة الأوّل الأصلي ، ويشتغل بالرسول ، فإنّ الأموال رسل الشهوات ، ولأجلها حبّبت إلى القلوب ، وهذا قد نسيها وعشق برسلها ، فهو في غاية الجهالة ونهاية الضلالة. ولما كان هذا القسم مستلزماً للبخل فعلاجه بعد التذكّر لمفاسد الأموال وغوائلها وما ورد في ذمّها بما سيذكر في البخل.