ليبطلوا معجزة
محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويثبتوا صدقهم في أنه ليس مرسلا من ربه ، إلّا أن أحدا
منهم لم يتمكن من معارضة القرآن ، ولم يتمكن من الإتيان بأي سورة تضاهي أقصر سورة
من سوره ، رغم أن التحدّي مرّ بمراحل متعددة ، ليكون أبلغ في إثبات العجز ، على
مرّ الدهور ، وكرّ العصور.
بل اعترف الجميع
بعجزهم عن معارضته ، وآمنوا بالله ورسوله ، على ما سنراه في مراحل التحدّي التي
مرّ بها القرآن.
مراحل التحدي
بالقرآن :
لقد وقع التحدي
بالقرآن الكريم على ثلاث مراحل ، وبطريقة التدرج في هذا التحدّي ، يتحدّى العرب أن
يأتوا بمثل هذا القرآن ، أو بمثل سورة من سوره ، يعارضونه بها ، وقد جاء بلغتهم ،
ونزل بأساليبهم ـ وهم فرسان البلاغة ، وأرباب البيان ـ فإن عجزوا عن ذلك ، ولم
يقدروا عليه ، فليعلموا أن هذا القرآن ليس من صنع البشر ، إذ لم يستطع البشر أن
يعارضوه ، أو يأتوا بسورة تضاهي أقصر سورة من سوره ، وإنما هو كلام الله المعجز ،
الدالّ على صدق نبينا عليه الصلاة والسلام في دعواه النبوّة والرسالة.
المرحلة الأولى :
لقد بدأ التحدّي
بمكة ، في سورة الإسراء ، وكان التحدّي بكل ما نزل من القرآن ، فقال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ
وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
إلّا أننا وجدنا
العرب أرباب الفصاحة والبلاغة والبيان يعجزون جميعا عن الإتيان بمثل هذا القرآن ،
الذي تتلى آية التحدّي فيه صباح مساء ، على رءوس الأشهاد ، وكأنها تثير فيهم
الحمية لمجابهة هذا التحدّي.
إلّا أنهم ـ رغم
هذا ، ورغم كل ما يبذلونه من محاولة للقضاء على القرآن ودعوته ـ لم يجدوا إلى
تحدّي القرآن أي سبيل ، ولو وجدوا لفعلوا ...