وإني لأعتقد أن بعض صور الإعجاز العلمي في القرآن ، لو عرضت على أعتى فلاسفة الإلحاد في العالم لجعلته يقف منها موقف الدهشة والاستغراب ، ولفرضت عليه أن يذعن لها ويقر بها ، لو وقف منها موقف الإنصاف.
كما أني أعتقد اعتقادا جازما أن كثيرا من العلماء النظريين والتجريبيين الماديين لو اطلعوا على آيات الإعجاز العلمي في القرآن ، لوجدوا أنفسهم مضطرين للإيمان بالله ... إذا وقفوا منها أيضا موقف الإنصاف ، وعرضت عليهم العرض الواضح البين ...
إلا أنه ومع الأسف لم يتح لأكثر المفكرين الماديين أن يطلعوا على آيات القرآن ليدركوا من خلالها عظمته وإعجازه.
إما للعناد الذي اصطبغ به بعضهم ، بعد الثورة العلمية الحديثة ، التي عصفت بالدين الباطل ، الذي كانت تمثله الكنيسة المنحرفة ، إبان الطغيان الكنسي في الغرب مما جعل كل إنسان يكره الدين ، بل يكره مجرد السماع به ، ويظن أن كل دين على الأرض كذلك الدين الذين ثاروا عليه ، وانتقموا منه ، ليتحرروا من ذل العبودية والطغيان اللذين كانت تفرضهما الكنيسة ، وتقف بهما في وجه العقل والعلم.
وإما للدعاية الحاقدة السوداء ، التي يلون بها الإسلام والمسلمون في العالم ، بالطرق الماكرة الخبيثة ، ومن قبل المؤسسات الكثيرة المنتشرة في العالم ، والتي أسست خصيصا لهذا الغرض ، مما جعل الناس ينفرون بمجرد سماعهم لاسم الإسلام والقرآن ، ولا سيما عند ما تستغل حقيقة التخلف والضياع ، والتشرد والفوضى التي يعيش بها العالم الإسلامي ، إذ أصبح المسلمون اليوم يعيشون في ذروة التخلف الحضاري في العالم ...
وإن الواجب ليحتم على جميع دعاة المسلمين ، أن يجعلوا من كتاب الله المادة الأساسية لدعوة الناس إلى دين الله ، يخاطبون بمعجزاته عقولهم ، ويهزون بتعاليمه مشاعرهم.