وقال جلّ وعلا : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (سورة الزمر : آية ٣٩).
وقال : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (سورة الشعراء : آية ١٩٥).
والآيات في هذا أكثر من أن تحصر ، وأشهر من أن تذكر ، وكلها تدل على أن القرآن نزل بلغة العرب ، ولا دخيل من غيرها فيه.
وبناء على ذلك ، فإننا يجب علينا أن نفهم القرآن من خلال قواعد لغة العرب التي نزل بها ، ولا يجوز لنا العدول عنها ، مهما كانت الظروف والأحوال.
ولذلك وجدنا أن نبينا عليه الصلاة والسلام ، وأصحابه من بعده ، وأمته من بعد أصحابه ، إلى يومنا هذا ، بل إلى يوم القيامة ، قد فهموا هذا الكتاب على هذه القواعد وكانوا إذا بيّنوه بينوه بناء عليها.
فإذا ذكر الله تعالى لنا البقرة في سورة البقرة ، في قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فهمنا منها أنها البقرة المعروفة ، وهي الحيوان الأليف اللبون ذو القرون.
ومن فهم من البقرة غير هذا الفهم ، وزعم أنها نوع من أنواع العصافير ـ كما زعمه بعض المحرفين لكتاب الله ـ فإنه لا شك بأن فهمه هذا خطأ وضلال وانحراف ، وإلحاد في آيات الله ، يلزم منه الكفر ، لأنه عبث بكتاب الله ، وتفسير باطني خارج عن قواعد اللغة ، ومدلولات الخطاب ، والمتبادر من معاني الألفاظ.
ومن فهم من المسجد الأقصى ، المذكور في قوله سبحانه : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) من فهم منه مسجدا آخر غير المسجد المعروف في القدس ، والذي يعرفه كل مسلم ـ كما فهمه بعض المحرفين لكتاب الله أيضا ، فإنا نقول فيه ما قلناه فيمن فهم العصفور من البقرة.