قال تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ،
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
وقال : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ
وَكِتابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ
، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ، وَيَهْدِيهِمْ
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وقال جلّ شأنه : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ
إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَهُدىً وَرَحْمَةً
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
إلا أنه رغم هذا
تعرض لكثير من حقائق الكون والحياة التي كانت مجهولة ، إما إجمالا ، وإما تفصيلا
عند نزول القرآن ، للفت نظر الإنسان إلى الكون والحياة ، والاهتمام بالعلم
والمعرفة ، وفي نفس الوقت ليكون يوما ما معجزة دالة على أن هذا الكلام ليس من كلام
البشر ، وإنما هو من كلام الله ، وذلك عند ما يضع الإنسان يده على كثير من أسرار
الكون والحياة والعلم والمعرفة.
وبناء على ذلك يجب
علينا حينما نعرض للإعجاز العلمي في القرآن ، يجب علينا أن لا ننسى الوظيفة
الأساسية التي جاء من أجلها ، ألا وهي هداية البشر ، ورسم المنهاج القويم ، والسبيل
المستقيم ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الضلالة إلى الهدى.
فلا يجوز لنا بعد
هذا أن ننحرف عن الوظيفة الأساسية لكتاب الله ، ونحمل الآيات ما لا تطيق من
المعاني العلمية التي لم تسق الآية من أجلها ، ولا نزلت لبيانها ، وإنما هي من
أوهام القارئ ، وربما انقلبت إلى ضرب من التأويل الباطني الباطل.
كما لا يجوز لنا
في نفس الوقت أن نجمد على معارفنا القديمة الضيقة ، وتفسيراتنا الجزئية المحدودة ،
المبنية على تلك المعلومات القديمة ، والتي ربما كانت قاصرة ، بل خاطئة في تفسير
ظواهر بعض أو أكثر الجوانب العلمية التي كشف عنها العلم الحديث ، مما يؤدي في
النتيجة إلى فهم القرآن فهما غير سليم في ضوء المعارف الحديثة ، وفي الآيات التي
لها مساس بالعلوم.