مجاري أقدار الله عزوجل وما تعلقت به مشيئته من اختلاف الناس في غي وإيمان.
* * *
واجعل لقلبك مقلتين كلاهما |
|
بالحق في ذا الخلق ناظرتان |
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها |
|
إذ لا ترد مشيئة الديان |
وانظر بعين الأمر واحملهم على |
|
أحكامه فهما اذا نظران |
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما |
|
من خشية الرحمن باكيتان |
لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم |
|
فالقلب بين أصابع الرحمن |
الشرح : إذا كان الله عزوجل قد أجرى مقاديره على العباد وحكم فيهم بما شاء من كفر وإيمان ، وهو مع ذلك قد أمرهم جميعا بالإيمان والطاعة ، فيجب أن ينظر الانسان إلى الخلق تبعا لذلك بنظرين مختلفين ، نظر بعين الحكم النافذ والقدر السابق ، فيرجمهم ويرثي لهم لعلمه أن حكم الله وقدره لا راد له ولا دافع ، ونظر بعين الأمر الشامل لجميع المكلفين ، فيجاهدهم في ذلك ويغلط عليهم حملا لهم على أمر الله عزوجل وحكمه الديني ، فهذان نظران مختلفان ، ولا يلزم من ذلك الاختلاف التناقض ، فإن جهة كل منهما مخالفة للآخر ، وإنما يكون التناقض عند الاتحاد. ويجب على العبد كذلك عند نظره إلى اختلاف الناس في الهدي والضلال أن يستفرغ الدمع من عينيه باكيا من خشية الله عزوجل ، شاكرا له نعمة الهداية والتوفيق ، إذ لو شاء الله لكان هو أيضا مثلهم ، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عزوجل يقلبها كيف شاء ولهذا كان النبي صلىاللهعليهوسلم يكثر أن يقول في دعائه «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
* * *
واحذر كمائن نفسك اللاتي متى |
|
خرجت عليك كسرت كسر مهان |
واذا انتصرت لها فأنت كمن بغى |
|
طفي الدخان بموقد النيران |