يحاولون استراق السمع. والمراصد جمع مرصد ، وهو مكان الرصد ، قال تعالى : (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) [التوبة : ٥] والحصر الحبس والتضييق ، والقربان ما يتقرب به من الذبائح ، والزحفان جمع زحف ، وهو الجيش الزاحف من وضع المصدر موضع اسم الفاعل ، والوحيان الكتاب والسنة ، والفطرات جمع فطرة.
الشرح : هذا هو ما يقسم عليه المؤلف رحمهالله أن يجاهد أعداء الله المارقين عن دينه الناكبين عن صراطه ما بقي فيه رمق من حياة ، وأن يجعل قتالهم وجهادهم ديدنه وهجيراه ، وأن يظهر للناس عوارهم ويهتك أستارهم ، ويكشف ما خفي على الجهال من مخازيهم ، ويفري أعراضهم بحديد لسانه إن كان قد بقي لهم أعراض.
ويقسم كذلك ليبالغن في طلبهم وتتبع آثارهم إلى حيث بلغوا ، لا يني في ذلك ولا يقصر ، حتى يقول القائل : أيكون هناك عبادان ، وليقذفنهم بسهام الهدى يرجمهم بها رجم الشياطين بالشهب الثاقبة. وليقعدن لهم كل مرصد يمكن أن يكيدهم فيه وليضيقن عليهم الخناق ، وليجعلن من لحومهم ودمائهم التي فراها بسهام الحق أعظم قربان يتقرب به إلى الله ، وليحملن عليهم بجند لا تعرف الفرار ولا تولي يوم اللقاء الأدبار ، وهي عساكر الوحيين من الكتاب والسنة وما تقر به الفطرة السليمة التي خلقها الله مستعدة لقبول الحق والإذعان له ، وما تهدي إليه العقول بالنظر الصحيح ، وما تفيده النقول الثابتة ، حتى يظهر لكل من له عقل من أولى منا ومنهم بأن ينسب كلامه إلى حكم العقل والبرهان؟ ولينصحن ما عاش لله ، فيبين العقيدة الصحيحة التي يجب على كل أحد أن يعتقدها في ربه عزوجل ، ويبين كذلك حقوقه التي يجب أن يقوم بها العباد نحوه ، ولينصحن لرسوله ببيان ما يجب له على الناس من محبة وتوقير وطاعة واتباع ، وما يجب عليهم أن يعرفوه من أخلاقه وسيرته وهديه وسنته. ولينصحن كذلك لكتاب الله ، فيبين ما يجب على الناس نحو كلام ربهم ، من حسن الاستماع إليه وكمال التعقل والتدبر لآياته ، والوقوف عند حدوده وأحكامه ، والاتعاظ