الموجودات ، ويعتقد أهل السنة كذلك أنه سبحانه متصف بصفة الكراهة التي هي ضد المحبة ، فهو يكره الكفر والفسوق وأهلهما والدليل على ثبوتها له قوله تعالى : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) [التوبة : ٤٦] وقوله عليهالسلام «وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال» وأنه متصف بصفة الرضى فهو رضي عن المؤمنين وعن أفعالهم كما قال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح : ١٨] وضدها وهو السخط صفة له كذلك كما قال تعالى : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ٨٠] وأنه متصف بصفة المحبة فهو يحب الصالحين من عباده المتقين المحسنين ويحب الأعمال الصالحة وينبغي أن يعلم أن ارادته ومشيئته غير كراهته ومحبته ، فالإرادة عامة لكل ما وجد من محبوب ومكروه والمحبة والكراهة خاصتان. ويعتقد أهل السنة كذلك أن الله له الرحمة الواسعة والإحسان العظيم الذي عم جميع المخلوقات ، وأن له الكمال المطلق الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه فلا يمكن أن يقاربه أو يماثله في كماله أحد والدليل على ثبوت صفات الكمال له سبحانه أنه هو واهب الكمال ومعطيه للمخلوق فيكون هو أولى بذلك الكمال من غيره ويكون أقدم بالاتصاف به من غيره ، ويكون الكمال الثابت له أعظم من الكمال الموجود في المخلوق اذ لا يعقل أن يكون هو معطي الكمال ، ويكون فاقدا له فإن فاقد الشيء لا يعطيه ، فإذا كان هو سبحانه الذي خلق الانسان وجعله سميعا بصيرا متكلما بمشيئته واختياره حيا قادرا مريدا عالما بحقائق الأشياء وماهياتها الكلية وأعيانها الخارجية الجزئية ، وكانت هذه كلها صفات كمال في الانسان فلا بد أن تكون ثابتة له سبحانه على نحو أتم وأكمل مما هي في الانسان ، وأما خلوه عن هذه الصفات والكمالات التي هو واهبها ومفيدها فهذا من أعظم الزور والبهتان ، والحاصل أن كل كمال في المخلوق وأمكن أن يتصف به الخالق جل وعلا فهو أحق به وأولى كما أن كل نقص في المخلوق ، فالخالق أولى بتنزهه عنه.
* * *