قالت : كنت أحمل الطعام إلى أبي وهو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالغار ، فاستأذنه عثمان في الهجرة ، فأذن له في الهجرة إلى الحبشة ، فحملت الطعام ، فقال لي : «ما فعل عثمان ورقيّة»؟ قلت. قد سارا. فالتفت إلى أبي بكر ، فقال : «والّذي نفسي بيده ، إنّه أوّل من هاجر بعد إبراهيم ولوط».
قلت : وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان إلى الحبشة كانت حين هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهذا باطل ، إلا إن كان المراد بالغار غير الّذي كانا فيه لما هاجرا إلى المدينة ، والّذي عليه أهل السير أنّ عثمان رجع مكة من الحبشة مع إلى من رجع ، ثم هاجر بأهله إلى المدينة ، ومرضت بالمدينة لما خرج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى بدر ، فتخلف عليها عثمان عن بدر ، فماتت يوم وصول زيد بن حارثة مبشرا بوقعة بدر. وقيل : وصل لما دفنت. وروى حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : لما ماتت رقية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل القبر رجل قارف» (١). فلم يدخل عثمان.
قال أبو عمر : هذا خطأ من حماد ، إنما كان ذلك في أم كلثوم.
وقد روى ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، قال : تخلف عثمان عن بدر على امرأته رقية ، وكانت قد أصابها الحصبة ، فماتت ، وجاء زيد بشيرا بوقعة بدر ، قال : وعثمان على قبر رقية.
ومن طريق قتادة عن النضر بن أنس ، عن أبيه : خرج عثمان برقية إلى الحبشة مهاجرا ، فاحتبس خبرهما ، فأتت النبي صلىاللهعليهوسلم امرأة فأخبرته أنها رأتهما. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قبّحهما الله ، إنّ عثمان أوّل من هاجر بأهله» ـ يعني من هذه الأمة.
وذكر السّراج في تاريخه من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : تخلف عثمان ، وأسامة بن زيد ، عن بدر ، فبينا هم يدفنون رقية سمع عثمان تكبيرا ، فقال : يا أسامة ، ما هذا؟ فنظروا ، فإذا زيد بن حارثة على ناقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الجدعاء بشيرا بقتل المشركين يوم بدر.
١١١٨٨ ـ رقية مولاة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
عمرت حتى جعلها الحسين بن علي مقيمة عند قبر سيدتها فاطمة ، لأنه لم يكن بقي
__________________
(١) يقال : قرف الذنب واقترفه إذا عمله ، وقارف الذنب وغيره إذا داناه ولاصقه ، وقرفه بكذا : أي أضافه إليه واتهمه به ، وقارف امرأته إذا جامعها. النهاية. ٤ / ٤٥.