فبلغتها خطبته ، فقالت : لا أدع بني عمي الطوال مثل عوالي الرماح ، وأتزوّج شيخا ، فلما بلغه ذلك قال من أبيات :
وقاك الله يا ابنة آل عمرو |
|
من الفتيان أمثالي ونفسي |
وقالت إنّه شيخ كبير |
|
وهل خبّرتها أنّي ابن أمس |
[وقد علم المراضع في جمادى |
|
إذا استعجلن عن حزّ بنهس] |
[الوافر]
إلى أن قال :
وأنّي لا أبيت بغير نحر |
|
وأبدأ بالأرامل حين أمسى |
وأنّي لا يهرّ الكلب ضيفي |
|
ولا جاري يبيت خبيث نفس |
فأجابته بأبيات.
قال أبو عمر : قدمت على النبي صلىاللهعليهوسلم مع قومها من بني سليم ، فأسلمت معهم ، فذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يستنشدها ويعجبه شعرها ، وكانت تنشده ، وهو يقول : «هيه يا خناس» ، ويومئ بيده.
قالوا : وكانت الخنساء تقول في أول أمرها البيتين أو الثلاثة حتى قتل أخوها شقيقها معاوية بن عمرو ، وقتل أخوها لأبيها صخر ، وكان أحبهما إليها ، لأنه كان حليما جوادا محبوبا في العشيرة ، كان غزا بني أسد فطعنه أبو ثور الأسدي طعنة مرض منها حولا ، ثم مات ، فلما قتل أخواها أكثرت من الشعر ، فمن قولها في صخر :
أعينيّ جودا ولا تجمدا |
|
ألا تبكيان لصخر النّدى |
ألا تبكيان الجريء الجميل |
|
ألّا تبكيان الفتى السّيّدا |
طويل النّجاد عظيم الرّماد |
|
ساد عشيرته أمردا (١) |
[المتقارب]
ومن قولها فيه :
وإنّ صخرا لمولانا وسيّدنا |
|
وإنّ صخرا إذا نشتو لنحّار |
__________________
(١) البيت للخنساء ترثي أخاها صخرا كما في ديوانها ص ٣٥ وبعده :
ألا تبكيان الجريء الجميل |
|
ألا تبكيان الفتى السّيّدا |
طويل النّجاد رفيع العماد |
|
ساد عشيرته أمردا |
تنظر الأبيات في أسد الغابة ترجمة رقم (٦٨٨٣) ، والاستيعاب ترجمة رقم (٣٣٦٣).