صحيح أن حملة
الإسكندر على بلاد الشرق ابتداء من سنة ٣٣٦ ق. م. كانت ذات هدف سياسي ، ولكنها
حملت فلسفة اليونان إلى الشرق. هذا الشرق الذي كان منبع الفلسفة والمعتقدات ومنها
التناسخ ، لم يجد أفكار اليونان جديدة عليه ، لأنها أفكاره أساسا ، لكنها جاءت
بثوب علمي جديد ، ومنهجي منظم ، والواقع أن فلاسفة اليونان عرضوا فكرة التناسخ منذ
القرن السادس قبل الميلاد ، فقال بها فيثاغورس (٥٧٢ ـ ٤٩٧ ق. م) حيث اعتقد هو
وتلاميذه بانتقال الروح إلى الإنسان والحيوان والنبات ، أي بتناسخ الأرواح ، لذلك
امتنعوا عن أكل اللحوم وبعض أنواع الحبوب ، ويبدو أن فيثاغورس أخذ هذه النظريات عن
المصريين بعد زيارته إلى مصر ، في حين يعتقد الهنود أنه قد أخذ عنهم.
إلّا أن النظرية
التناسخية في الفلسفة اليونانية تبلورت في المرحلة الأفلاطونية بين ٤٢٧ ـ ٣٤٧ ق. م
حيث قال أفلاطون بأن الأحياء يبعثون من الأموات ، وأن النفس التي تولد هي آتية من
عالم آخر كانت قد ذهبت إليه إثر موت سابق ، وهكذا فالنفس لا تموت بموت الجسد ،
لذلك فإنه عند ما أعدم سقراط أستاذ