تتوجه بذاتها نحوها وتفصيل ذلك هو (١) :
إن الموجودات الطبيعية النامية المتحركة ، وكذلك النفوس ، لها غايات ذاتية زمانية تتوجه إليها بذاتها وبحسب غرائزها ، وتسير نحوها طالبة لها ، وتلك الغايات هي الكمال في الوجود والقوة فيه ، فتخرج بحركتها نحوها من النقص إلى الكمال ، ومن الضعف إلى الشدة ، ومن الاستعداد إلى الفعلية ، شيئا فشيئا إلى أن تحصل الغاية المذكورة لها.
فالنفس ما دامت في البدن يقوى وجودها حتى تصير مستغنية عن المتعلّق ـ أي البدن ، فعودها بعد فساد البدن مادية الذات ـ كما يقوله أهل التناسخ من أن النفس بعد فساد البدن تصير مادية أي نفسا حيوانية غير مجردة ذاتا وفعلا ـ وهبوطها من القوة والشدة في الوجود إلى الضعف فيه ـ كما هي الحال في كل نفس فإنها في أول الفطرة تحدث في البدن ضعيفة الوجود ، ثم تترقى إلى مراحل الفعلية في الوجود التام والآراء والملكات والأخلاق ـ ، إن عودها إلى ما ذكر يناقض القول بأن
__________________
(١) أشار إلى هذا البحث الفيلسوف صدر المتألهين في كتابه (الأسفار) ص ١٠١ ط حجري ونقله عن الحكماء الإلهيين في ص ٩٥ من كتابه المذكور.