إن النفس حادثة أفاض عليها الوجود ، ذو الفيض والجود وهو الله تعالى القديم ولا قديم سواه ، وحدوثها وإفاضة الوجود عليها مشروط بحدوث استعداد في البدن يقتضي حدوثها في وقت حدوث ذلك الاستعداد ليتخصص إيجاد النفس له (أي للبدن) في ذلك الوقت ، ولو لم يكن الشرط (وهو الاستعداد المذكور) حاصلا لم يكن حدوث النفس في الآن أولى من حدوثها في آن قبله أو بعده ، فلا بد من حدوثها في الوقت الخاص من حدوث استعداد فيه يقتضي حدوثها له ، فإذا حصل ذلك الاستعداد القابل لتعلق النفس فيه حدثت النفس من قبل المبدأ الفياض تعالى شأنه.
وهكذا كل بدن لا بد من حدوث استعداد خاص فيه لتحدث له نفس بخصوصه تتعلق به تعلق التدبير والتصرف ، فإذا حدث الاستعداد حدثت النفس لأن جوده تعالى عام والمبدأ فياض.
وإنما قلنا تحدث للبدن لدى حصول الاستعداد فيه ، نفس خاصة به دون غيره ، لأنه لو لم يكن في البدن خصوصية تقتضي تعلق نفس خاصة به لزم الترجيح بلا مرجح ، وكان لكل نفس أن تتعلق بكل بدن في ابتداء خلقها وإحداثها في البدن ، والترجيح بلا