فيهم قولان : أحدهما : أنهم مشركو قريش. والثاني : اليهود ؛ (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في استحلال الميتة (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢))
قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) اختلفوا فيمن نزلت على خمسة أقوال :
(٥٥٥) أحدها : أنها نزلت في حمزة بن عبد المطّلب ، وأبي جهل ، وذلك أنّ أبا جهل رمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفرث ، وحمزة لم يؤمن بعد ، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل ، فأقبل حتى علا أبا جهل بالقوس ، فقال له : أما ترى ما جاء به؟ سفّه عقولنا ، وسبّ آلهتنا ، فقال حمزة : ومن أسفه منكم؟
تعبدون الحجارة من دون الله؟! أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس.
(٥٥٦) والثاني : أنها نزلت في عمار بن ياسر ، وأبي جهل ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة.
(٥٥٧) والثالث : في عمر بن الخطّاب ، وأبي جهل ، قاله زيد بن أسلم ، والضّحّاك.
والرابع : في النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأبي جهل ، قاله مقاتل.
والخامس : أنها عامّة في كلّ مؤمن وكافر ، قاله الحسن في آخرين.
وفي قوله تعالى : (كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) قولان : أحدهما : كان ضلا فهديناه ، قاله مجاهد. والثاني : كان جاهلا ، فعلّمناه ، قاله الماوردي. وقرأ نافع : «ميتا» بالتشديد قال أبو عبيدة : الميتة ،
____________________________________
(٥٥٥) لم أره مسندا. وذكره الواحدي في أسباب النزول ٤٥٠ بدون إسناد عن ابن عباس فهو لا شيء لخلوه عن الإسناد ، والصحيح عموم الآية.
(٥٥٦) واه. عزاه المصنف لابن عباس من رواية أبي صالح ، وهي رواية ساقطة. وأخرجه الطبري ١٣٨٤٢ عن عكرمة مرسلا ، فهو ضعيف وفيه انقطاع وكرره ١٣٨٤١ عن عكرمة بنحوه مرسلا وفيه راو لم يسم.
والصحيح عموم الآية ، ولا يصح تخصيصها بروايات واهية.
(٥٥٧) ضعيف. أخرجه الطبري ١٣٨٤٠ عن الضحاك مرسلا ، فهو ضعيف. وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٤٥١ عن زيد بن أسلم مرسلا ، ومع إرساله فيه مبشر بن عبيد وهو ممن يضع الحديث.
__________________
إن الله أخبر أن الشياطين يوحون إلى أوليائهم ليجادلوا المؤمنين في تحريمهم أكل الميتة ، بما ذكرنا من جدالهم إياهم وجائز أن يكون الموحون كانوا شياطين الإنس يوحون إلى أولياء منهم. وجائز الجنسان أن يكون شياطين الجن أوحوا إلى أوليائهم من الإنس ، وجائز أن يكون كلاهما تعاونا على ذلك ، كما أخبر الله عنهما في الآية الأخرى التي يقول فيها : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) [الأنعام : ١١٢]. بل ذلك الأغلب من تأويله عندي ، لأن الله أخبر نبيه أنه جعل له أعداء من شياطين الجن والإنس كما جعل لأنبيائه من قبله ، يوحي بعضهم إلى بعض المزيّن من الأقوال الباطلة ثم أعلمه أن أولئك الشياطين يوحون إلى أوليائهم من الإنس ليجادلوه ومن تبعه من المؤمنين فيما حرم الله من الميتة عليهم ا. ه.