(إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩))
قوله تعالى : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) المعنى : فاصدع بأمري كما كفيتك المستهزئين ، وهم قوم كانوا يستهزئون به وبالقرآن ، وفي عددهم قولان :
أحدهما : أنهم كانوا خمسة : الوليد بن المغيرة ، وأبو زمعة ، والأسود بن عبد يغوث ، والعاص بن وائل ، والحارث بن قيس ، قاله ابن عباس ، واسم أبي زمعة : الأسود بن المطّلب. وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير ، إلّا أنه قال مكان الحارث بن قيس ، الحارث ابن غيطلة ، قال الزّهريّ : غيطلة أمّه ، وقيس أبوه ، فهو واحد ، وإنما ذكرت ذلك ، لئلّا يظنّ أنه غيره ، وقد ذكرت في كتاب «التّلقيح» (١) من ينسب إلى أمّه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وسمّيت آباءهم ليعرفوا إلى أيّ الأبوين نسبوا. وفي رواية عن ابن عباس مكان الحارث بن قيس : عديّ بن قيس.
والثاني : أنهم كانوا سبعة ، قاله الشّعبيّ ، وابن أبي بزّة ، وعدّهم ابن أبي بزّة ، فقال : العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، والحارث بن عديّ ، والأسود بن المطّلب ، والأسود بن عبد يغوث ، وأصرم وبعكك ابنا عبد الحارث بن السبّاق. وكذلك عدّهم مقاتل ، إلّا أنّه قال مكان الحارث بن عديّ :
الحارث بن قيس السّهميّ ، وقال : أصرم وبعكك ابنا الحجّاج بن السبّاق.
ذكر ما أهلكهم الله به فكفى رسوله صلىاللهعليهوسلم أمرهم
(٨٥٤) قال المفسّرون : أتى جبريل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والمستهزئون يطوفون بالبيت ، فمرّ الوليد بن المغيرة ، فقال جبريل : يا محمّد ، كيف تجد هذا؟ فقال «بئس عبد الله» ، قال : قد كفيت ، وأومأ إلى ساق الوليد ، فمرّ الوليد برجل يريش (٢) نبلا له ، فتعلّقت شظيّة من نبل بإزاره ، فمنعه الكبر أن يطامن (٣) لينزعها ، وجعلت تضرب ساقه ، فمرض ومات. وقيل : تعلّق سهم بثوبه فأصاب أكحله فقطعه ، فمات. ومرّ العاص بن وائل ، فقال جبريل : كيف تجد هذا يا محمّد ، فقال : «بئس عبد الله» فأشار إلى أخمص
____________________________________
(٨٥٤) متن حسن بطرقه وشواهده من جهة الإسناد ، لكن المتن غريب. أخرجه الطبري ٢١٤١٧ عن ابن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير به مع اختلاف يسير وهذا مرسل. وكرره ٢١٤١٩ عن سعيد بن جبير مرسلا ، وكرره ٢١٤٣٠ من مرسل قتادة. وورد بنحوه عن قتادة ومقسم أخرجه الطبري ٢١٤٢٨. وورد بنحوه من حديث ابن عباس عند الطبراني في «الطوال» ٣٣ وفي «الأوسط» ٤٩٨٣ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٣١٧ ـ ٣١٨ من طريقين عن جعفر بن إياس عن سعيد عن ابن عباس. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ٤٦ ـ ٤٧ وقال : وفيه محمد بن عبد الحكيم النيسابوري ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات. قلت : توبع عند البيهقي.
الخلاصة : هذه روايات عامتها مرسلة ، والموصول لا بأس به بطريقيه ، فالحديث حسن من جهة الإسناد بطرقه وشواهده ، لكن المتن فيه غرابة والله تعالى أعلم.
__________________
(١) وهو كتاب مطبوع متداول ، واسمه «تلقيح فهوم أهل الأثر».
(٢) في «القاموس» : راش السهم يريشه : ألزق عليه الريش.
(٣) في «اللسان» : ويقال : طأمن ظهره : إذا حنى ظهره.